الوجود الأمريكي في اليمن. عقود من الهيمنة وانتهاك السيادة
البيضاء نت | تقرير | أحمد داوود
يبرز الدور الأمريكي في اليمن -منذ عقود- في إطار الهيمنة والاستكبار، وانتهاك السيادة، والاستحواذ والسيطرة على مقدرات البلد، في وقت يظهر فيه العملاء والخونة تابِعين خانعين مطيعين للأمريكي ومنفذين لكل أوامره.
نشرت وسائل إعلام متعددة قبل أيام أن لجنة أمريكية تتواجد في محافظات يمنية محتلة، وتعمل على حصر وفحص المرتزقة لاستخدامهم كوقود لأي حرب مقبلة، وهناك جهود أمريكية لإنشاء مقرات تدريب وورش تصنيع للمسيرات والمتفجرات، تحت إشراف مرتزقة وخبراء أجانب.
وتعمل واشنطن -منذ كسر شوكتها في اليمن بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م- على إعادة أمجادها في اليمن، لكنها لا تجد سوى خونة اليمن ومرتزقتها كجسر عبور لتحقيق هذا الطموح، ولذا فإن المشهد اليوم أكثر وضوحًا في ما يتعلق بالتحرك الأمريكي الصهيوني في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، واستخدام المرتزقة كأدوات لتنفيذ المهام الأمريكية الصهيونية القذرة.
وتعتبر حادثة استهداف المدمرة (كول) نقطة انطلاق للولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز تدخلها في اليمن، فبعد الحادثة نفذ الخائن علي عبدالله صالح زيارة إلى واشنطن، وتم التوقيع على اتفاقية ما يسمى “بمكافحة الإرهاب”، والتي كان من ثمارها السماح للأمريكيين بانتهاك الأجواء اليمنية عبر الطائرات بدون طيار، تحت ذريعة استهداف ما يسمى بعناصر القاعدة، وقد بدأت أول عملية باستهداف أبو علي الحارثي في 5 نوفمبر 2002م، والمتهم بالتخطيط للهجوم على المدمرة الأمريكية “كول”.
ومع تولي الخائن عبد ربه منصور هادي الحكم في عام 2012م، وصل التعاون مع الولايات المتحدة إلى ذروته في إطار ما يعرف بـ “الحرب على الإرهاب”، وخلال زيارته الأولى إلى واشنطن في سبتمبر 2012م، اجتمع هادي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، حيث جدد التأكيد على التزامات سلفه علي عبدالله صالح، في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
وبعد مرور عام على تلك الزيارة -وتحديدًا في 30 مايو 2013م- قامت الولايات المتحدة بتنفيذ عملية عسكرية مباشرة، حيث اقتحمت وحدة من مشاة البحرية الأمريكية عدة منازل للمواطنين في محافظة لحج جنوبي اليمن، ومن ثم تواصلت العمليات العدائية الأمريكية ضد اليمنيين بشكل واضح، ففي 12 ديسمبر 2013م استهدفت طائرة أمريكية بدون طيار موكب زفاف مكونًا من 11 سيارة في محافظة البيضاء وسط اليمن، وأسفرت الغارة عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا وإصابة 15 آخرين على الأقل.
وبعد انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م خسرت الولايات المتحدة مركز نفوذها السياسي التقليدي، لذا قررت إغلاق سفارتها في صنعاء، وغادرت البعثة الأمريكية العاصمة في 11 فبراير 2015م، لكن الغارات الأمريكية استمرت على اليمن بذريعة استهداف القاعدة، فبعد فترة قصيرة من بدء العدوان الأمريكي-السعودي على اليمن عام 2015م ارتفعت هذه العمليات من 21 غارة في عام 2016م إلى 131 غارة على الأقل في عام 2017م، كما أشار تقرير في صحيفة نيويورك تايمز إلى أن فريقًا من القوات الخاصة الأمريكية (القبعات الخضراء) يعمل جنبًا إلى جنب مع القوات السعودية على الحدود بين السعودية واليمن.
وعلاوة على ذلك، تجلّى الوجود العسكري الأمريكي بشكل واضح في اليمن من خلال تواجد عدد كبير من القوات الأمريكية في مطار الريان بمحافظة حضرموت منذ عام 2017م، بالتوازي مع وجود قوات إماراتية، حيث تم تحويل المطار إلى قاعدة عسكرية، ما أدى إلى توقف الرحلات المدنية.
وخلال الفترة الأولى للرئيس الأمريكي ترامب شهد اليمن العديد من الأحداث العسكرية البارزة التي تدخلت فيها الإدارة الأمريكية، ومن أبرزها معركة الحديدة، حيث منحت واشنطن الضوء الأخضر للهجوم على الحديدة، ويومها خاطب رئيس المجلس السياسي الأعلى آنذاك، صالح الصماد، السفير الأمريكي ماثيو تولر خلال زيارته للمحافظة في 18 أبريل 2018م، قائلاً: “وصلتني معلومات تفيد بأن السفير الأمريكي قال إنه سيتوجه إلى الحديدة، وأن سكانها سيقومون باستقباله بالورود، لكننا سنستقبله بخناجر أسلحتنا”. وبعد يوم من هذا التصريح، تعرّض الصماد لاغتيال عبر غارة جوية بواسطة طائرة مسيرة أمريكية من طراز MQ-9، ومنذ اللحظة الأولى اتهم السيد القائد عبد الملك الحوثي الولايات المتحدة بتنفيذ عملية الاغتيال، قائلاً: “المساعدة الأمريكية في اغتيال الصماد كانت حاسمة، إذ إن أمريكا هي من نفذت عملية الاغتيال للرئيس ومرافقيه”.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 20 أكتوبر 2019م عن نشر 3000 جندي إضافي في المملكة العربية السعودية بغرض التصدي لما وصفه بـ”التصرفات الاستفزازية من إيران”، كما أكدت الولايات المتحدة الأمريكية بدء تشكيل قوة بحرية جديدة ستحل في الخليج العربي لما قال إنه “حماية الممرات البحرية” مما اعتبرته “أنشطة القرصنة الحوثية والإيرانية”.
واستمر النشاط الأمريكي في اليمن خلال فترة رئاسة جو بايدن، ففي يوليو 2021م وصل 100 جندي أمريكي إلى مطار الريان في محافظة حضرموت، وتمركزوا فيه إلى جانب القوات الأمريكية الموجودة مسبقًا.
وفي صباح يوم الثلاثاء 13 أكتوبر 2021م، نفذت وحدة من البحرية الأمريكية المتمركزة في مطار الريان عملية اقتحام واسعة لمدينة غيل باوزير في حضرموت، حيث أقامت نقاط تفتيش وحواجز، وأطلقت كلاباً بوليسية، واستخدمت مدرعات وسيارات إسعاف، وشنت عمليات تمشيط في شوارع المدينة، ما كشف عن حجم التواجد العسكري الأمريكي الكبير في المناطق الساحلية لحضرموت.
وتتواجد قوات أمريكية في اليمن، حيث يبلغ عددها أكثر من 300 جندي، يتوزعون في عدد من المحافظات الجنوبية، ومنها:
- محافظة عدن: حيث يقع مقر التحالف في منطقة البريقة.
- محافظة لحج: في قاعدة العند العسكرية.
- محافظة شبوة: ضمن موقع منشأة بلحاف الغازية.
- محافظة حضرموت: في مطار الريان بمدينة المكلا.
- محافظة المهرة: في مطار الغيضة.
- محافظة سقطرى: وتتضمن مناطق حديبو وعبد الكوري.
وتؤكد القيادة الثورية والسياسية على عدم التهاون مع الوجود الأجنبي في اليمن، ففي خطاب سابق للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله حذر القوات الأجنبية المتواجدة في الأراضي اليمنية بمن فيها الأمريكية والبريطانية والسعودية والإماراتية، قائلاً لهم: “ارحلوا من كل محافظاتنا، ومن مياهنا الإقليمية، لا نسمح بأي تواجد عسكري أمريكي أو بريطاني سواء كان في جزيرة من الجزر أو في أي مطار أو منشأة في أي محافظة”، مضيفًا: “الأمريكي في موقع المعتدي المحتل، وعليه أن يبعد جنوده من أي قاعدة في بلدنا، وعليه أن يرحل عن أرضنا”، مشددًا على أن صنعاء ستستمر “في كل الخيارات، وبكل الجهود، وفي كل المجالات، لنيل الحرية الكاملة والاستقلال التام، وتطهير كل أرجاء وطننا من كل احتلال أجنبي”.