الشهيد الغماري.. القائد الذي جسّد الإيمان سلاحًا والنصر وعدًا وواقعًا

البيضاء نت | محلي 

 

فقدت اليمن برحيل الفريق الركن الشهيد محمد عبدالكريم الغماري أحد أبرز قادتها العسكريين الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة الصمود والنصر. الغماري لم يكن مجرد قائد عسكري، بل عقل استراتيجي ومهندس ردع ومصدر إلهام لمئات القادة والمجاهدين، حيث حول الإيمان إلى موقف عملي وأصبح النموذج الأمثل للقائد القرآني الذي يترجم العقيدة إلى سلاح ووعي وفعالية ميدانية.

منذ الأيام الأولى للعدوان الأمريكي-السعودي، لعب الغماري دورًا محوريًا في نقل القوات المسلحة اليمنية من مرحلة الدفاع إلى المبادرة الهجومية، مؤسسًا لعقيدة جديدة تقوم على قاعدة: “من الإيمان تُبنى القوة، ومن الوعي يولد الردع.” تحت قيادته، أصبح الجيش اليمني قوة إقليمية يُحسب لها حساب، وصار العدو يراقب تحركاته عن كثب.

كما قاد تطوير المنظومة الصاروخية والطائرات المسيّرة، ما نقل المعركة إلى عمق العدو، وأحدث تحولًا في ميزان الردع الإقليمي، مؤكدًا أن القوة الحقيقية لا تُقاس بالصواريخ وحدها، بل بقدرة القائد على إدارة التهديد وتوظيف القوة في الوقت المناسب.

ترك الغماري إرثًا فكريًا وعقائديًا غنيًا، حيث كان يؤمن أن الجيش بلا وعي يتحول إلى أداة، أما بالوعي فيصبح درعًا للأمة وسيفًا في وجه المستكبرين. وكان يرى في القضية الفلسطينية مقياسًا للشرف العسكري والإنساني، داعمًا لكل جهود الإسناد والتصدي للصهيونية، معتبرًا أن الردع اليمني دفاع عن كرامة الأمة بأسرها.

شهدت العاصمة صنعاء تشييعًا مهيبًا، جسد بيعة جماهيرية للمشروع الإيماني الذي حمله الشهيد الغماري، مؤكدة استمرار المسيرة بثبات وإخلاص نحو النصر الذي رسمه على ميادين العزة والكرامة. رحيله جسديًا لا يعني النهاية، فقد ترك جيشًا مؤمنًا ووعيًا شعبيًا متجذرًا، ليصبح امتدادًا لسلسلة القادة العظماء الذين خطوا طريق الحرية بالإيمان والتضحية، من الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي إلى الرئيس الشهيد صالح الصماد.

يبقى الغماري حاضرًا في وعي الأجيال، ليس كقائد ميداني فحسب، بل كمنهج وفكرة وسيرة تضيء الدرب، معززًا رسالة اليمن في أن تكون ساحة دفاع وإشعاع عقائدي وإنساني ضد الطغيان الأمريكي والصهيوني. وفي وداعه الأخير، رفع الحاضرون شعار: “على دربك ماضون.. حتى زوال الطغاة وفتح القدس وعدًا غير مكذوب، وبدمائك يا شهيدنا تُكتَب فصول النصر.”