تواصل جنين ومخيمها الأسطوري كتابة فصل جديد من حكاية الصمود الفلسطيني، بعد 273 يوماً متواصلاً من الاقتحامات والعدوان الإسرائيلي المفتوح، الذي لم يعرف توقفاً ولا لغة سوى الرصاص والاعتقال والتدمير.
في كل صباح، تستيقظ المدينة على خبر مداهمة جديدة، وتنتهي يومها بعدّ الشهداء والجرحى، فيما تبقى روح المقاومة حاضرة في كل زقاق، وكل منزل مهدّم. فالمخيم الذي رفض رفع الراية البيضاء لا يزال يردّ على اقتحامات الاحتلال بما تيسّر من رصاصٍ وعبواتٍ محلية الصنع، مؤكداً أن البقاء ذاته بات شكلاً من أشكال المقاومة.
ومع تصاعد العدوان، تمتد الاعتداءات من جنين إلى قباطية ويعبد وكفر راعي، حيث تتكرر مشاهد الإعدامات الميدانية، والاعتقالات الجماعية، واستهداف الطواقم الطبية والمزارعين، في سياسة عقاب جماعي ممنهجة لا تستثني مريضاً ولا عاملاً.
ورغم الدمار والحصار، تظل كتيبة جنين رمزاً لصمود الضفة الغربية، تزرع كميناً هنا وتفاجئ دورية هناك، فيما يفشل الاحتلال في كسر إرادة المدينة التي تحولت إلى مختبر للمقاومة.
في جنين، الحياة لا تتوقف. الناس يعيشون تحت النار، ويقيسون أعمارهم بعدد الاقتحامات. وبين صوت الرصاص وأذان الفجر الذي يعلو فوق الركام، تكتب المدينة من جديد حكاية فلسطين التي لا تنكسر.