غزة بعد عامين من الإبادة: مدينة تحترق بلا ماء ولا مأوى
البيضاء نت | عربي دولي
تحت طبقات الغبار والركام، تختنق غزة بصمتها.
مدينة كانت تضج بالحياة والأسواق، صارت أطلالًا تمتد بلا نهاية، وناسها يبحثون عن قطرة ماء أو سقف يحميهم من برد الليل ولهيب النهار.
في حي الشيخ رضوان، يجلس محمد أبو علي أمام برميل ماء ملوث تتقاسمه عشرات الأسر.
يقول بغصّة: “خرجنا من تحت الركام بملابس النوم فقط… بلا أبواب، بلا فراش، بلا ماء نظيف. والأطفال يمرضون كل يوم.”
بيته من ثلاث طبقات أصبح رمادًا، ومعه اختفت كل الذكريات.
أما الشوارع، فقد تحولت إلى ممرات مليئة بالأنقاض، والمدارس صارت ملاجئ مكتظة بالعائلات المشردة.
في منطقة الكرامة شمال غرب المدينة، يحاول تامر شرف إشعال ما تبقى من أثاث منزله ليطهو لأطفاله.
الدخان الأسود يختلط بالغبار والرماد… الهواء أثقل من التنفس ذاته.
يقول: “نمشي ساعات لنملأ بضعة لترات من الماء… لكنها لا تكفي ليوم واحد.”
غزة اليوم بلا مأوى، بلا ماء، بلا حياة… لكنها لا تزال تصرخ بالحياة.
الأطفال يلعبون بين الأنقاض، غير مدركين أن الحجارة التي يتسلقونها كانت يومًا جدار غرفهم.
الأمهات تبحثن عن قطعة قماش تحمي شيئًا من الخصوصية، والآباء يحاولون إعادة بناء زوايا مهدمة لتصبح مأوى.
كل زاوية تحمل قصة فقد، وكل ركام يحكي حلمًا ضائعًا.
ومع استمرار الحصار وعرقلة إعادة الإعمار، تظل غزة تحاول أن تتنفس وسط الخراب.
رغم كل شيء، هناك إرادة حياة لا تموت.
غزة ليست مجرد مدينة تحت الركام…
هي شهادة حيّة على شعب يرفض الفناء، يحوّل الرماد إلى وعد بالنهار القادم، مهما طال ليله.