بغطاء ودعم أمريكي .. التفاصيل الكاملة لمخطط إماراتي بدأ تنفيذه من جزيرة زُقر لاستهداف اليمن خدمةً للعدو الإسرائيلي

البيضاء نت | تقرير 

 

كشفت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، في تقرير استقصائي مدعوم بصورٍ فضائية حديثة، عن نشاطٍ إماراتي مكثّف في جزيرة زُقر اليمنية الواقعة في قلب البحر الأحمر، يتضمن إنشاء مطار ورصيف بحري ،وتُشير الدلائل إلى أن المشروع يُقام بالتنسيق مع مجموعات مسلحة جنوبية موالية لأبوظبي، في إطار مخطط يخدم مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، ويهدف إلى تطويق اليمن من البحر وتقويض دوره الداعم لغزة، خصوصًا بعد النجاحات التي حققتها القوات البحرية اليمنية في شلّ حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.

 

تفاصيل المخطط كما كشفتها الوكالة الأمريكية

بحسب الوكالة، بدأت عمليات البناء مطلع عام 2025، وشملت تسوية الأرض وإنشاء ممر طائرات بطول يقارب كيلومترين ورصيف بحري لاستقبال السفن الكبيرة.
الصور الفضائية التي نشرتها شركة Planet Labs PBC أظهرت حركة شحن نشطة نحو الجزيرة، حيث رُصدت سفن مسجلة في دبي تنقل مواد بناء وآليات ثقيلة إلى الموقع.
وتؤكد الوكالة أن المشروع يُنفذ بإشراف إماراتي مباشر، وبتعاون مع الخائن طارق عفاش،  ما يجعله خرقًا واضحًا للسيادة اليمنية.

 

موقع استراتيجي وحسابات عسكرية دقيقة

تقع جزيرة زُقر على مقربة من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ما يجعل السيطرة عليها هدفًا إستراتيجيًا لأي قوة تسعى للتحكم في البحر الأحمر، وبحسب محللين استراتيجيين، فإن إنشاء مطار عسكري في هذه النقطة الحساسة يمنح الإمارات ومن ورائها قوى غربية وإسرائيلية، قدرة على مراقبة الممرات الدولية بين آسيا وأوروبا، وتعطيل الحركة البحرية اليمنية والضغط على صنعاء، إلى جانب فرض رقابة بحرية تخدم التحالف الصهيو–الأمريكي الذي يرى في تنامي النفوذ اليمني تهديدًا لمصالحه في البحر الأحمر.

ويشير التقرير إلى أن المشروع يتقاطع زمنيًا مع تصاعد هجمات القوات المسلحة اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والغربية، ما يعزز فرضية أن المطار أداة للرد والاحتواء ضمن مشروع استعماري أوسع لإعادة التموضع للعدو في البحر.

 

الإمارات .. ذراع تنفيذية لمخططٍ يتجاوزها

لم يكن الدور الإماراتي في جزيرة زُقر مفاجئًا، فالإمارات، كما يذكّر التقرير، سبق أن أنشأت قواعد ومطارات في جزر يمنية أخرى مثل ميون وعبدالكوري وسقطرى، في خطوة وصفتها الوكالة بأنها تحركات توسعية تعزز النفوذ العسكري الإماراتي خارج حدودها،
غير أن التطور الجديد في زُقر يبدو مختلفًا من حيث التوقيت والدوافع؛ فبحسب مصادر يمنية وخبراء أمنيين، فإن أبوظبي لم تعد تتحرك بدافع ذاتي فحسب، بل في إطار اصطفاف واضح مع الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر، القائمة على احتواء الدور اليمني الذي أربك الملاحة الإسرائيلية، وتأمين العمق البحري الإسرائيلي من خلال قواعد متقدمة، وإقامة طوق جغرافي يخنق اليمن من الجنوب والغرب ويمنع تحركه في دعم المقاومة الفلسطينية.

ويصف مراقبون هذا الدور بأنه عدائي مباشر ضد اليمن، ويحوّل الإمارات من شريك في التحالف إلى منفّذ لسياسة احتلال تدريجية تخدم قوى أجنبية.

 

المرتزقة .. أداة للتمكين

يشير التقرير إلى أن الإمارات تعتمد في تنفيذ المشروع على قوات محلية موالية لها يتزعمها طارق عفاش، تُستخدم لتأمين الجزيرة وتوفير غطاء ميداني للعمال والمعدات، في حين يتم تسويق المشروع على أنه مبادرة تنموية.
غير أن مصادر يمنية تعتبر ذلك ذريعة لتكريس وجود عسكري دائم، مستغلة الانقسام السياسي وهواجس بعض قيادات المرتزقة التي ترى في التحالف مع أبوظبي وسيلة للبقاء في السلطة.
هذا التحالف المصلحي، وفق محللين، مكّن الإمارات من التحرك بحرية في الأراضي اليمنية المحتلة دون مساءلة، ما فتح الباب أمام تنفيذ مشاريع تخدم أجندات غير يمنية.

 

تهديد مباشر لسيادة اليمن ولدورها في دعم فلسطين

التحليل الذي خلصت إليه الوكالة الأمريكية، وتبنّاه العديد من المراقبين العرب، يرى أن المطار الجديد على زُقر ليس مشروعًا مدنيًا أو إنسانيًا، بل منصة متقدمة لحربٍ بحرية غير معلنة تستهدف شلّ القدرات اليمنية البحرية التي تهدد السفن الإسرائيلية والغربية، وقطع خطوط الدعم اللوجستي لغزة ومنع أي محاولات بحرية يمنية لتخفيف الحصار عنها، وتأمين الممر الملاحي لصالح إسرائيل ضمن تفاهمات أمريكية- إسرائيلية – إماراتية غير معلنة.

بهذا المعنى، يصبح المشروع جزءًا من استراتيجية حصار مزدوجة، حصار مفروض على غزة براً وبحراً وجواً، وحصار آخر يُرسم لليمن من البحر، لمنعها من أداء دورها الداعم للمقاومة.

ورغم وضوح المعطيات الميدانية، لم يصدر أي موقف رسمي من الأمم المتحدة أو الدول الغربية بشأن الانتهاك الصارخ لسيادة اليمن، ما يثير تساؤلات حول تواطؤ دولي ضمني مع هذا المسار.
ويرى مراقبون أن الصمت الأمريكي هو إشارة دعم غير معلنة لأبوظبي، خاصة وأن المشروع يتقاطع مع الأهداف الأمريكية في تأمين خطوط النفط والتجارة ومنع اليمن من تهديد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.

 

القوات المسلحة اليمنية .. رصد مكثف واستعداد للتدخل المؤلم والرادع

أطلقت القوات المسلحة اليمنية تحذيرات متكررة وواضحة حيال ما تجريه جهات معادية خارجية وإقليمية من تحركات إنشائية وعسكرية على جزر يمنية ومناطق مطلة على البحر الأحمر والبحر العربي، وأكدت في بيانات رسمية وتصريحات متلاحقة، أنها تراقب عن كثب كلّ النشاطات العدائية والاحتلالية، وأن لديها منظومة رصد ومتابعة متكاملة لتمييز كل تحرك مشبوه أو لوجستي يهدف إلى تحويل أراضٍ يمنية إلى قواعد أو منصات عملياتية.

وفي تحذير شديد اللهجة توجّهت به القوات إلى كل من يعتقد أنّ بإمكانه احتلال الأراضي اليمنية أو التحكم في مصيرها، أكدت أن الخطوات الهادفة إلى ترسيخ وجود أجنبي أو ميليشيا محلية تعمل كذراع احتلال ستواجه باستجابة وطنية شاملة، تشمل ما يلزم من إجراءات دفاعية وعسكرية وقانونية ودبلوماسية، وأضافت أن هذه الاستجابة ستكون رادعة ومؤلمة لأي جهة تسعى لفرض واقع جديد على الأرض بالقوة أو عبر إجراءات لوجستية تُجهض سيادة اليمن.

 

أخيراً

ما يجري في جزيرة زُقر ليس مجرد إنشاء مطار جديد، بل مشروع استراتيجي محفوف بالمخاطر، يضع اليمن في مواجهة مرحلة جديدة من التحدي البحري والعسكري، والتقارير الأمريكية ذاتها تكشف دون أن تصرّح صراحة، أن أبوظبي تتحرك ضمن مشروع أكبر تُرسم خطوطه من واشنطن وتل أبيب، هدفه إخضاع البحر الأحمر لسيطرة مشتركة تمنع أي قوة عربية خصوصًا اليمن، من استخدامه كورقة ضغط أو دفاع عن القضايا العربية وفي مقدمتها فلسطين.

إن الوجود الإماراتي في زُقر يُمثّل كما يراه كثير من المراقبين عملاً عدائياً صريحاً ضد اليمن، ومحاولة لتقويض سيادته وتمزيق جغرافيته، وتحويل مياهه إلى ممرٍّ مراقَب يخدم أعداء الأمة تحت ذرائع الأمن البحري ومحاربة ما يسمونه الخطر الحوثي.

وخطورة ما كشفت عنه الوكالة الأمريكية لا تكمن في حجم المشروع فحسب، بل في ما يرمز إليه سياسيًا واستراتيجيًا، من إعادة تشكيل الخريطة البحرية للمنطقة لصالح المشروع الصهيو – أمريكي، وتحويل الإمارات إلى أداة تنفيذ لسياسات تهدد اليمن، وتطعن الموقف العربي من غزة في الصميم.

المصدر: موقع يمانيون