الشهادة حياة
البيضاء نت | مقالات
بقلم / صفوة الله الأهدل
الشهادة حياة؛ “من أراد الحياة الأبدية فليطلب الشهادة” ،بالشهادة وحدها تصنع الحياة لك ولغيرك، تحل علينا ذكرى عظيمة بعظمة أصحابها، ذكرى تتحدث عن معنى البذل والتضحية، عن معنى الإيمان والإيثار، ذكرى رجال جسدوا معنى التفاني والعطاء في سبيل الله، رجال جسدوا القيم والمبادئ والأخلاق إلى مواقف وأفعال.
الشهداء رسموا لنا طريق الحق وعمدوه بدمائهم، انطلقوا لميدان المواجهة في موقف حق ووفق توجيهات الله وتحت إطار قضية عادلة، وخاضوا معارك غير متكافئة، ليحفظوا الدين، ويحقنوا الدماء، ويحموا الأعراض، ويدافعوا عن الأرض، ويدفعوا البغي والعدوان، ويتصدوا للمحتلين، ويمنعوا دخول المجرمين والمفسدين البلد، ويحولوا بين إهلاك الحرث والنسل وإذلال الناس وقهرهم واستعبادهم.
رجال صدقوا في زمن تجلّى فيه الكذب، رجال ثبتوا على الإيمان في زمن تغربل فيه المسلمين، رجال خرجوا لقتال كل طاغي في الأرض محسوب على اليهود كمرحب، أو على الكفار كعمرو بن ود العامري، أو على الأمة الإسلامية كيزيد، تهافتوا للقتال في الجبهات؛ استجابة لله، ولنصرة الحق، ودفع الظلم، وللنجاة من الزيغ والفتن في هذا الزمن.
رجال بنوا لنا مجدًا كريمًا، صنعوا لنا تاريخ عطرًا، حققوا لنا نصرًا ساحقًا، أعادوا لنا شرفنا؛ ولولا تضحياتهم لما تحقق لنا السلام، لولا عطائهم لما عرفنا العزة، لولا جودهم لما تنفسنا نسيم الحرية وهنئنا العيش بأمان، لولا بذلهم لما عرفنا معنى الحرية والكرامة، لولا كرمهم لنحرفنا وظللنا الطريق، لولا جهادهم واستبسالهم لما رأينا آيات الله تتجلّى حقيقة على أرض الواقع، لولا صبرهم وصمودهم وثباتهم لما هُزم الأعداء شر هزيمة، لولا فضلهم علينا لما رفعنا راية النصر عاليًا في هذا البلد.
الشهداء أحياء ولايموتون أبدًا إلّا إذا نسينا تضحياتهم وتنكّرنا لفضلهم وجحدنا بعطائهم، وهذه المناسبة التي نقيمها كل عام؛ إنما لتذكّرنا بهم وبواجبنا تجاه أسرهم الذي يفرض علينا مقابلة الإحسان بالإحسان، ويحتم علينا رد الجميل إليهم وذلك؛ بالاهتمام بأسرهم والسؤال عن أحوالهم ورعاية أطفالهم الذي تركوهم خلفهم، والثبات على الحق، والوفاء مع المبادئ والقيم التي ضحوا من أجلها، والسير على خطاهم بكل جد ومسؤولية.