الإرادَة اليمنية صُنعة في ظلّ العاصفة

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / محمد نبيل اليوسفي 

 

اليمنُ الذي لطالما خاض أقدس المعارك وتجاوز أكبر الصعاب خلال سنواتٍ من الحرب والحصار المفروض برًّا وجوًّا وبحرًا، إلا أنه كان يتحدى الصعوبات والمعوّقات والمخاطر المحدقة به من كُـلّ النواحي السياسية والعسكرية، ليشقّ الطريق التي أضاءت بشعاعها درب الحرية والكرامة.

كل التحالفات العربية والإسلامية المسبقة التي شنّت حملاتٍ من الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية ضد اليمن، استطاع أن يصمد في وجهها لسنواتٍ من الحرب دون ضعفٍ عند المعاناة، وصبرٍ عند الشدائد، وهو ما جعل منه اليوم قوةً صلبةً لا تتزعزع أمام العواصف المريرة بالتضحيات والتجارب والاختبار الحقيقي لمدى الصمود والثبات على الموقف الحق.

أيضًا أصبح اليمنُ -من بعد الشدائد السابقة- يمتلك اليوم الوعي والإدراك والبصيرة للحقيقة المطلقة، الحقيقة التي لا تُساوِمُ في الحقوق المسلوبة من قبل العدوان السعوديّ والإماراتي ومرتزِقتهم في الداخل اليمني، وأهدافهم العدوانية التي دمّـرت البنى التحتية الحيوية، تلك التي هي من مكتسبات الشعب قبل الدولة.

حيث إنه لا يمكن أن يُساوم اليمنُ اليوم على مستحقاته المسلوبة، ولا حتى عن إعلان الحرب إن لم تُلبَّ الحقوق بالشكل المطلوب.

وإن تفجّر البركان اليمني خلال هذه المرحلة الجديدة التي أصبحت تُعرف بامتلاك القدرات الأكثر فاعلية وتأثيرا، وخلال العامين من المواجهة المباشرة مع الكيان الإسرائيلي إسنادًا لغزة، فقد رُسمت الصورة للجميع كيف أن التفوق التقني اليمني حيّد الأمريكي والإسرائيلي في ساحة المواجهة بشكلٍ كلي.

كما إنه لو عادت الحرب اليوم إلى المربّع الإقليمي أَو المحلي بعد كُـلّ هذه التجارب التي مرّ بها اليمن قيادةً وشعبًا، وتجاوز الصعوبات وحوّل التحديات إلى فرص، والفرص إلى بناء القدرات العسكرية والخبرات السياسية والاقتصادية في شتّى المجالات، لتحقيق الأمن والاستقرار والعيش بحريةٍ وكرامةٍ لا تُستباح.

إن اليمن الذي لم تزعزعه العواصف في مقدّمة المواجهة، هو من صنع اليوم المتغيرات الفاعلة التي رواها الإعلام للعالم أجمع بالصمود على الموقف الحق، والاستجابة لنصرة المظلوم، وتحمل المسؤولية الدينية والإنسانية لأهميّة العيش في هذه الحياة بشرف.

إن البلد الذي لم يُبنَ في ظلّ العاصفة الهائجة، وإنما في ظلّ السبات المطبق، فهو بلدٌ سيكون هشًّا لا محالة، وزائلًا من على الخارطة برمتها.

المخاطر التي تهدّد الركائز الأَسَاسية للحياة بالعزة والكرامة والاستقرار القومي هي ما تدفع بالفرد كفرد، وبالأمة كأمة، وبالدولة كدولة، إلى الاتباع للتعليمات الهامة، التعليمات التي تشكّل من العقل نموذجًا للابتكار، ومن الأيادي العاملة منجزاتٍ للتنمية، ومن الشدائد قوّةً تصنع الإرادات والنفوذ.

إرادَة أربكت حتى مراكز صنع القرار، وأتت من خارج الدرس الذي كان يتعايش في ظله العالم بأسره، إرادَة من صلب المعركة لا من صلب السبات، بل من صميم العاصفة الهوجاء، لا من صميم التبعية والارتهان، ومن صميم عقيدتها وإيمانها المطلق بأن الحق لا يُهزم، وأن القضايا العادلة لا تنكسر، بل إرادَة امتدت من رحم المعاناة والصبر والجلد والتغلّب على الشدائد.

ختامًا، بلدٌ لا يمتلك قوّة الإرادَة ولا النفوذ هو البلد الذي يسهل احتلاله، والبلد الذي يعمل على تنمية الإرادَة وصنع القرار الحرّ هو من سيفرض معادلة الردع ضد أعتى قوى الاستكبار برمّتها.