القائد الذي أعاد للأُمَّـة بُوصلتها

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / بشير ربيع الصانع

 

في زمنٍ اختلطت فيه المعايير، وتراجعت فيه المواقف، وارتبك فيه كثيرٌ ممن تصدّروا المشهد، يبرز السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، بوصفه حالةً استثنائية لا تُقاس بالأسماء ولا تُختصَر بالألقاب، بل تُعرَفُ بالمواقف التي لا تتبدَّل، وبالثبات الذي لا تزعزعُه العواصف.

حضورُه هو صوتٌ خرج من عُمق الألم، وحمل هَـــمَّ الناس بصدق، وتعامل مع قضاياهم بوصفها أمانة لا وسيلة.

هو قائدٌ لم يتعلّم الصمت أمام الظلم، ولم يساوم على الحق، ولم يقف يومًا في منطقةٍ رمادية حين كان المطلوب موقفًا واضحًا.

واجه الطغيان مهما بلغ حجمه، وعيًا بأن السكوت على الجور يرسّخه، وأن العدل لا يُستجدى بل يُنتزع بثبات الإيمان.

لم تغره الوعود، ولم تكسره التهديدات؛ لأن الحرية عنده عقيدة، والعبودية لغير الله خطيئة لا يقبلها.

ما يميّزه قبل أي شيء أنه عبدٌ تقي، نقيُّ السريرة، زاهدٌ في زخارف السلطة، عفيفُ اليد واللسان، يحكم تصرّفه بميزان الحكمة لا بنزوات اللحظة.

غَيرتُه على الإسلام صادقة، وحين تُمسّ رموز الدين تتحَرّك مسؤوليته لا انفعاله، فيوجّه ويعلّم ويصبر، ويربي على التقوى والزكاء ومكارم الأخلاق، لأن بناء الإنسان عنده يسبق أي بناء آخر.

يحمل همَّ أُمَّـة كاملة، ويعمل لإعلاء كلمة الله بوعيٍ عميق لمعنى المسؤولية.

يجتهدُ في التوجيه والإرشاد والحث والنُّصح، ويأخُذُ بالأسباب دون أن يتكئَ عليها، رابطًا القلوب بالله قبل كُـلّ شيء.

ذليلٌ على المؤمنين، قريبٌ من آلامهم، عزيزٌ في مواجهة أعدائهم، لا يعرف التبعية ولا يقبل الانكسار؛ لأن القضية في نظره موقف قبل أن تكون شعارًا.

يعرف القرآن معرفة العامل لا القارئ، فينعكس ذلك على سلوكه قبل خطابه.

يعفو عمّن ظلمه حين يكون العفو إصلاحا، ويصل من قطعه، ويعطي من حرمه، دون أن يكون ذلك ضعفًا أَو تهاونًا، بل سموًّا أخلاقيًّا نادرًا.

بعيدٌ عن الفحش، ليّنُ القول، ثابتٌ في الزلازل والشدائد، شكورٌ في الرخاء والنعم، لا تحكمه الأحقاد ولا تُعميه العواطف، فلا يظلم من يحب، ولا يأثم فيمن يكره.

وفي زمنٍ عجز فيه كثيرٌ من زعماء العرب عن تقديم موقفٍ واحدٍ ينصر الدين أَو يواجه أعداء الأُمَّــة بوضوح، نهض هو بالمسؤولية غير آبهٍ بحجم التحديات ولا بثقل التضحيات.

حضر، حَيثُ غاب الآخرون، وتكلم، حَيثُ اختار غيره الصمت، فصار غائبُ الشخص حاضرَ الأثر، معروفَ الفعل وإن أُنكر الاسم.

ماتت شهوته، وبسُط أمره، وسهل نهجه، فصار ثقلُه في الحق لا في الدنيا.

إن دعوةَ الناس إلى متابعته هي دعوةٌ للالتفاف حولَ مشروعٍ أخلاقي قرآني يعيد للأُمَّـة ثقتها بنفسها، ويحرّر إرادتها من الخوف، ويضعها على طريق العزة.

من يبحث عن مخلّصٍ بالكلمات فلن يجده، أما من يبحث عن قائدٍ بالمواقف، ثابتٍ على الحق، صادقٍ مع الله والناس، فسيجد في السيد القائد نموذجًا يستحق أن يُتّبع، لأنه صادق في زمنٍ ندر فيه الصدق، وشجاع في زمنٍ كثر فيه التراجع، وأمين على قضية أُمَّـة أنهكها الظلم والطغيان والجور.