من يتولَّ أمريكا يَذل
البيضاء نت | مقالات
بقلم / أحمد المتوكل
الأُمَّــة الإسلامية اليوم في أشد مراحل الانحطاط وأسوئها؛ فلا يحرِّكها استهداف دينها، ولا حرق كتاب ربها، ولا سفك دماء أبنائها.. ليس ذلك من قلة عددها ولا عُدتها، ولكنْ بسَببِ موت الغَيرة الدينية في قلوب الكثيرين، والانغماس في التبعية؛ فاستحقت أن تُضرب بالذلة والمسكنة على أيدي أعدائها.
أقدم أحد المرشحين لمجلس الشيوخ الأمريكي على الإساءة للقرآن الكريم بوضعه على فم مجسم لرأس خنزير، مستهزئًا بالإسلام والمسلمين، وداعيًا إلى محاربتهم، وذلك تحت حماية الشرطة الأمريكية التابعة للحكومة التي تدعمها دول الخليج بتريليونات الدولارات.
ولم يلقَ ذلك المشهد -المثير للغضب في نفس كُـلّ مسلم حر- أي صدىً حقيقي في العالم الإسلامي، لا على مستوى الحكومات ولا على مستوى الشعوب.
وكان الأحرى، في الحد الأدنى، أن يكون هناك استنكار إعلامي، ومقاطعة اقتصادية ودبلوماسية، وأن تُمنح الشعوب حق الخروج في مسيرات الغضب والتنديد؛ انطلاقًا من انتمائها الديني واستشعارًا لمسؤوليتها أمام الله.
إن المفارقة العجيبة تكمن في أنه إذَا قام أحد المنتمين للإسلام بسب ملكٍ أَو أمير أَو زعيم، أَو أحرق صورته؛ لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتحَرّكت الماكنة الإعلامية بجيوش من المحللين والمستنكرين، ولتحَرّكت أقلام المناصرين، ولسارع العلماء والمشايخ بالتكفير والاستنكار دفاعًا عن “ولاة أمرهم”.
بل قد يصل الأمر إلى قيام حكوماتهم بطرد كُـلّ المنتمين لبلد ذلك الشخص، كما فعلت دول الخليج مع اليمنيين إبان حرب العراق على الكويت.
لذلك، فإن الحقيقة المُرَّة هي أن كَثيرًا من هؤلاء الزعماء قد ارتهنوا في ولائهم ومواقفهم؛ فمنهم من يدفع الملايين لإسكات أي صوت يندّد بإجرام العدوّ الإسرائيلي، ومنهم من يستلم ليصمت ويُسكِت كُـلّ من يسخط من جرائم الصهاينة.
وهذا ما كشفه الوثائقي “صفقة على حساب القضية” الذي عرضته قناة المسيرة، متضمنًا تسجيلًا صوتيًّا للخائن علي عبد الله صالح يعترف فيه باستلامه 300 مليون ريال سعوديّ من الملك عبد الله آل سعود، مقابل تغيير مواقفه وتحميل حماس المسؤولية في القمة العربية، ومطالبتها بوقف إطلاق الصواريخ على كيان العدو!
ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فكما وُجد في التاريخ من برّر أفعالًا جسيمة مستخدمًا شماعات واهية، نجد اليوم من يتولى أمريكا والغرب رغم حرقهم للمصاحف وإهانتهم للمقدَّسات تحت ذريعة “محاربة الإرهاب” أَو الحفاظ على المصالح، ليبقى الحال على ما هو عليه من هوان.