الولاية هي الحل والمخرج للأمة

البيضاء نت / مقالات

 

بقلم/ أم المختار مهدي

قبل أكثر من ألف عام أرسل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- رسلًا إلى بلدان مختلفة، وحشَّد المسلمين من جميع أقطار الأرض؛ ليعلن لهم أمرًا هامًا بل بالغ الأهمية، وكان ذلك في غدير خم بعد حجة الوداع، بعدما أنزل الله إليه أمره بقوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَـمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}، أمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- بعد أمر الله مباشرة دون تقاعس أو تثاقل بحط الرحال والاجتماع هناك؛ ليمهد للناس أهمية ما سيتحدث عنه.

 

صعد على أقتاب الإبل مع الإمام علي-عليه السلام- لتراه تلك الأمة المجتمعة وتسمعه جيدًا فيصل كلامه إلى كل أرجاء البلدان الإسلامية، خطب خطبة طويلة وشهيرة قال فيها :”إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه”، أعلن للأمة من هو جدير بأن يلي أمرها ويدير شؤونها ويخلفه فيها.

 

وهذا الأمر من رحمة الله تعالى بالأمة؛ حيث أنه تعالى يضمن للأمة أمانها ونجاتها وحريتها وكرامتها من أن يلي أمرها الظالمون والمفسدون ويتحكمون فيها، فأهل البيت-عليهم السلام- هو سفينة النجاة للأمة من طوفان الضلال والظلم والفساد، فهم أكثر الناس حرصًا على بقاء الدين، وأعظم الناس اهتمامًا بمصلحة الأمة، وهم خير من يخلف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في أمته، وهذا ما أثبته التاريخ التي سجل جهاد وصبر وثورة الأئمة في سبيل الله تعالى وفي سبيل أمان الأمة وحفاظًا على دينها وأمنها وكرامتها.

 

لم يأتي أمر الله ورسوله بولاية الإمام علي من فراغ بل هو أثبت بأنه هو الجدير والأنسب والأفضل بشهادة كل الغزوات والمعارك والبطولات التي لا مثيل لها والتي سجلها التاريخ على مر الأزمنة والعصور، والتي تثبت أيضاً بأنه أشجع طاعن وضارب وأعظم مستبسل في سبيل الله وأكثر المؤمنون ثباتًا وصمودًا، كما يشهد له محراب مسجده الذي شهد صلاته ودعاءه وخشوعه وتبتله لله تعالى فكان أكثر المؤمنون إيمانًا وتقوى، وأقربهم إلى الله تعالى، لم يختص بجانب دون آخر بل حاز على أعظم مرتبة بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في كل المجالات :العسكرية والعبادية والسياسية والقيادية وكل جوانب الحياة.

 

واليوم وإذ تعيش الأمة أسوأ أحوالها فما هو إلا نتيجة الابتعاد عن ولاية الإمام علي وآل البيت -عليهم السلام-؛ فولايتهم هي الحل والمخرج للأمة من الواقع السيئ الذي تعيشه، ولايتهم هي الدرع الواقي من ولاية اليهود على رقاب الأمة والتي بدأت منذ تفككت الأمة وتشتت وابتعدت عن الولاية التي حددها الله تعالى بقوله :{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، ضمن لها الله تعالى الغلبة بولاية الإمام علي وعندما ابتعدت عنها صارت هي المغلوبة فتلى أمرها أشقى الناس وأظلمهم وها هي اليوم تعيش أصعب المعاناة والمأساة لم تعشه أمة من قبلها، والأمة لن تجد حريتها ولا أمنها ولا تقدر الحفاظ على دينها وكتابها إلا بالعودة الجادة والكاملة والصادقة إلى الإمام علي وآل البيت ولا خيار آخر سوى الذل والهوان والخسران في الدنيا والآخرة.