إيران تتكلّم بلغة النار… ومن يتحدّى فليتقدّم
المقالات | بقلم | فاطمة عبدالإله الشامي
ها هي الحقيقة تُدوّي كالصاعقة، تهوي على رؤوس من ظنّوا أن إيران ستبقى في دائرة الحصار، وأن الجمهورية الإسلامية ستظل حبيسة التهديدات والضغوط. لكن الأيام قد تغيّرت، والميزان قد انقلب، وأوراق القوة لم تعد بيد من يملكون السلاح النووي، بل بيد من يملكون الإيمان، والإرادة، والقيادة الحكيمة التي لا تنكسر.
الكيان الصهيوني، الذي طالما تزيّن بقناع التفوق والتبجّح العسكري، تلقّى في هذه الأيام صفعةً لم تُبقِ له وجهاً يُخاطب به العالم. فحين قرّرت إيران أن لحظة الحساب قد حانت، لم تُنذر، لم تُحذّر، لم تتوسّل المحافل الدولية، بل نطقت بصوت النار، وتكلّمت بلغة الحديد، وأعلنت أن زمن الصمت قد انتهى، وأن وقت العقاب قد بدأ.
تل أبيب لم تعد “الآمنة”، وحيفا لم تعد “البعيدة”، والملاجئ لم تعد تُقنع المستوطنين بشيء من الأمان، فالسماء ذاتها انقلبت عليهم، والأرض ضاقت بما رحبت، والهواء صار دخاناً، والليل ارتجف، والصبح لم يُشرق إلا على خراب يُعيد لذاكرتهم ما لم يريدوا أن يتذكروه: أن هذه الأرض ليست لهم، وأن مَن يُعادونهم ليسوا عبيداً، بل جنود عقيدة، وحملة لواء، وأبناء وعد إلهي لا يُخلف.
وما هذه الضربة إلا نبذة، عيّنة، ومقدمة محدودة من قدرة غير محدودة. فليتذكّر العدو، ولينقل الرعاة إلى واشنطن و”البنتاغون”، أن الجمهورية الإسلامية إذا غضبت، فإنها لا تغضب عبثاً، وإذا تحرّكت، فإنها لا تعرف التراجع، وإذا أعلنت، فإنها تفعل ما هو أعظم مما تعلن.
وإلى أميركا…
إلى تلك الإمبراطورية المتغطرسة، التي تحسب أن قواعدها في الخليج آمنة، وأن بوارجها فوق المياه محصّنة، وأن تدخلها سيكون كالسابق: بضغطة زرّ أو جولة في السماء… نقول: احذروا.
فما بعد اليوم ليس كما قبله، ومن يضع يده في النار فليتأهب للكيّ.
الجمهورية الإسلامية لا تهدد عبثاً، ولا تلوّح بجعجعة، بل تقف على أرض من نار، وتتكئ على عزيمة شعب لا يعرف الذلّ، وتخضع لقيادة ربّانية لا تهتز، ولا تنحني، ولا تساوم. إن تدخّلتم، فاستعدّوا. وإن اقتربتم، فاحفروا قبور مصالحكم بأيديكم، لأن الرد لن يكون موضعياً، بل شاملاً، عنيفاً، وصاعقاً يطال الجوّ والبحر، والبرّ والمصالح، والوجود العسكري المباشر والوكيل، في كل بقعة تجرؤ على دعم الكيان المهزوم.
قال الله تعالى:
“فَأَذِنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ”،
وهذا ما تُعلنه إيران اليوم، حرباً بأمر الله، ضد المستكبرين والمعتدين، حرباً لا تُبقي لهم ستراً من هيبة ولا درعاً من أمن.
لقد كشفت المعركة الأخيرة الدائرة أن كيان الاحتلال أوهى من بيت العنكبوت، وأن صراخه الإعلامي لم يعُد يخيف أحداً. العدو بات يتخبّط، يصرخ، يستغيث، ويستنجد بالغرب وبالأمم المتحدة، وبالبيت الأبيض، لكنه يعلم في قرارة نفسه أن لا باب من أبواب النجاة مفتوح، وأن الضربة القادمة – إن حصلت – ستكون طوفاناً يُنهي أسطورته الهشة.
وأما إيران، فإنها اليوم تقف شامخة، تكتب فصول المعادلة بدماء الشهداء، وبأنفاس المرابطين، وبصلابة القرار. لم تُرهقها العقوبات، ولم تُسقطها سنوات من التآمر والحصار، بل خرجت أقوى، أصلب، وأقدر، لأنها تستمد قوتها من الله، ثم من حنكة قيادتها الربانية المتمثّلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي – دام ظله – الذي يحكم بعقلية الولي لا السياسي، وببصيرة الإمام لا بمنطق التاجر.
هذا هو الفارق بيننا وبينهم: نحن نقاتل بعقيدة، وهم يقاتلون بدافع البقاء فقط.
نحن نستند إلى وعد الله، وهم يتخبّطون في فشل مشاريعهم.
نحن أمة الشهداء، وهم أمة الجدران والملاجئ.
قال تعالى:
“وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”
ونحن لا ننتظر النصر، بل نُمارسه، ونفرضه، ونخوضه، لأنه وعد الحق، لا أمنيات العاجزين.