الخيانة بثوب جديد

البيضاء نت | مقالات

 

 

بقلم / شاهر أحمد عمير

 

في زمنٍ اختلطت فيه المواقف وتاهت فيه البوصلة، يعود صوت القرآن الكريم واضحًا، صادقًا، لا لبس فيه:

“ومن يتولهم منكم فإنه منهم” (سورة المائدة: 51).

 

آية تُخاطب الضمير قبل السياسة، وتُفرّق بوضوح بين من يقف في صف الأُمَّــة، ومن يبيعها لأعدائها.

 

وما نراه من تهافت بعض الأنظمة – لا سِـيَّـما الخليجية – على التطبيع مع الكيان الصهيوني، لم يعد مُجَـرّد خيانة صامتة، بل تحوّل إلى دور نشط في خدمة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة. فحين تُفتح الأجواء للطائرات الإسرائيلية، وتُغلق أمام المساعدات الإنسانية إلى غزة، وحين تُستضاف الوفود الأمنية والعسكرية في العواصم الخليجية، بينما يُمنع الأحرار من التعبير عن دعمهم لفلسطين، فإننا أمام انكشاف كامل لأقنعة طالما اختبأت خلف شعارات الإسلام.

 

الأدهى من ذلك، أن هذه الأنظمة لا تكتفي بالتخاذل، بل توجّـه سهامها نحو إيران، وتشيطن كُـلّ من يدعم المقاومة، وتحرّض العدوّ الإسرائيلي على شنّ عدوانه. لا يخشون على شعوبهم، بل على عروشهم، فيقايضون أمن الأُمَّــة بأمنِ كراسيهم، ويبرّرون ذلك بكذبة “الخطر الإيراني”، بينما الصواريخ تنهال على غزة، والمجازر تُرتكب في وضح النهار، والعالم كله يشهد على صمتهم المريب.

 

الحقيقة أوضح من الشمس:

 

من يتولّ الصهاينة، ويقفْ معهم ضد شعوب الأُمَّــة ومقاومتها، فهو منهم… لا يشفع له نسب، ولا لغة، ولا راية؛ فالولاء لا يُقاس بالانتماء الجغرافي، بل بالموقف من القضايا المصيرية.

 

إننا لا نقدّس أحدًا، بل نحكم على الجميع بمواقفهم: من يؤيد قتل الأطفال في غزة، أَو يبرّر العدوان على لبنان واليمن وسوريا، أَو يؤيد ضرب إيران على يد الصهاينة في تل أبيب وواشنطن، فهو خائن صريح، يُحشر مع من والاهم يوم الحساب.

 

أما الأحرار، فهم الذين وقفوا – ولا زالوا – مع قضايا الأُمَّــة، بلا حسابات ضيقة، ولا اصطفافات طائفية. يدركون أن العدوّ الحقيقي هو الاحتلال الصهيوني، وأن مقاومته ليست خيارًا سياسيًّا، بل واجب شرعي وأخلاقي، لا يُعذر أحد في التخلي عنه.

 

ومن أراد أن يعرف موقعه من هذه الأُمَّــة، فليقرأ هذه الآية جيدًا:

 

“ومن يتولهم منكم فإنه منهم”

 

ولا يظنَّنَّ أحد أن المال أَو الإعلام سيغسل خيانةً كهذه، فالتاريخ لا يرحم، والقرآن قد حكم.