سلاح المقاومة كسر غطرسة الكيان

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / عبد المؤمن محمد جحاف 

 

في مشهدٍ يعكس عمق الانحدار السياسي والأخلاقي في المنطقة، تتسابق الأنظمة العربية لتبنّي الأجندة الأمريكية والإسرائيلية، من خلال الدعوات المتكرّرة لنزع سلاح المقاومة في غزة ولبنان. هذا الموقف ليس مُجَـرّد خطأ سياسي عابر، بل هو خيانة صريحة وتماهٍ كامل مع مطالب العدوّ، بل ويعكس غباءً فادحًا أمام وحشية الاحتلال الإسرائيلي وحليفه الأمريكي ومساعيهما الحثيثة للتوسع والهيمنة.

 

إن منطق تحميل سلاح المقاومة مسؤولية العدوان الإسرائيلي هو منطق أعوج يتجاهل الحقائق التاريخية وينكرها عن عمد. فالاحتلال الإسرائيلي جاثم على أرض فلسطين منذ أكثر من سبعين عامًا، وقد تمكّن من تثبيت أقدامه في ظل غياب السلاح وتفكك الموقف العربي. لم تولد المقاومة الفلسطينية إلا بعد أن أصبح الاحتلال أمرًا واقعًا، ولم تشتعل جذوة المقاومة في لبنان إلا بعد أن اجتاح الاحتلال بيروت واحتل أجزاء واسعة من لبنان.

 

التاريخ واضح: غياب السلاح مكّن الاحتلال من التمدد بلا رادع، بينما وجود المقاومة هو الذي أوقف زحفه وكسر غطرسته. لذلك، فَــإنَّ الدعوة إلى تجريد المقاومة من سلاحها ليست فقط خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الأحرار، بل هي أَيْـضًا خدمة مجانية للمشروع الصهيوني الأمريكي، وتهيئة الأرضية لعودة الاحتلال وتمدد نفوذه.

 

إن الأخطر من ذلك أن هذه الدعوات تتماهى تمامًا مع المخطّط الأمريكي–الإسرائيلي لتفريغ ساحات المواجهة من أي قوة رادعة، وتهيئة المنطقة لمرحلة جديدة من التطبيع القسري والهيمنة المطلقة، حَيثُ يصبح القرار السياسي العربي أسيرًا للإملاءات الخارجية، وتتحول العواصم العربية إلى مُجَـرّد محطات في خارطة النفوذ الصهيوني.

 

وفي ظل الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال في غزة، والمجازر التي تحصد أرواح الأبرياء، يصبح السكوت عن هذه الدعوات أَو تمريرها تواطؤًا صريحًا. فالمعادلة واضحة: من ينزع سلاح المقاومة يفتح الباب لعودة الاحتلال، ومن يبرّر ذلك، مهما كانت حجته، إنما يشارك في تسليم مفاتيح العواصم إلى العدوّ.

 

إن بقاء سلاح المقاومة ليس خيارًا سياسيًّا فحسب، بل هو خيار وجودي يحفظ للأُمَّـة كرامتها، ويؤكّـد أن الشعوب الحرة قادرة على الدفاع عن أرضها ومقدَّساتها، مهما تكالبت قوى الاستكبار العالمي.