خُدعة ترامب.. شرعنة الاستباحة
البيضاء نت | مقالات
بقلم / عبدالمؤمن جحاف
لم تأتِ ما يُعرف بـ “خطة ترامب” بجديد، فهي ليست سوى نسخة من مشروعٍ طالما سعى نتنياهو إلى تكريسه على مدى سنوات: تثبيت الاحتلال، توسيع الاستيطان، وتكريس الاستباحة الشاملة لفلسطين وغزة.
الخُطة الأمريكية لم تكن سوى تعميد رسمي لمشروع الاحتلال، وصياغة خرائط جديدة على حساب الأرض والحقوق الفلسطينية.
لكن الجديد لم يكن على الورق الأمريكي بقدر ما كان في المواقف العربية والإسلامية الرسمية.
دولٌ طالما رفعت شعارات دعم فلسطين وقضاياها، وجدت نفسها اليوم تكشف حقيقتها، فتماهت مع الخطة ومنحتها غطاءً سياسيًّا تحت لافتة “السلام”، بينما تخلّت عن المقاومة الفلسطينية في لحظةٍ تاريخيةٍ فارقة.
واشنطن و”تل أبيب” لا تُخفيان المعنى الحقيقي للسلام: خضوعٌ كامل وإذعان بلا قيدٍ أَو شرط.
هذه ليست قراءة تحليلية فحسب، بل تصريحاتٌ صريحة لمسؤولي الكيان، حَيثُ يعلنون بوضوح أن لا مكان للعرب في معادلة القوة إلا عبر بوابة الاستسلام.
وقائع الاستباحة ليست جديدة على المنطقة؛ فمن سوريا التي دمّـرت بالعدوان، إلى قطر التي طالتها الاستباحة، وُصُـولًا إلى تصريحات قادة الكيان عن “إسرائيل الكبرى”، كلها شواهد تؤكّـد أن التعامل الأمريكي-الإسرائيلي مع منطقتنا يقوم على قاعدة واحدة: الهيمنة، والتوسع، والاستباحة المُستمرّة.
خطة ترامب، في جوهرها، توقيعٌ رسمي على مشروع تصفية فلسطين، وشرعنةٌ للاحتلال بغطاءٍ أمريكيٍ كامل.
الأخطر أن بعض الأنظمة العربية والإسلامية لم تكتفِ بالصمت، بل منحت المشروع الغطاء، واصطفت مع نتنياهو وترامب، لتتحول من داعمٍ لفلسطين إلى متواطئٍ في تصفيتها.
إن الفضيحة اليوم لم تَعُد في مضمون الخطة ذاتها، بل في انكشاف المواقف الرسمية التي اختارت أن تبيع فلسطين والمقاومة مقابل مكاسب زائفة، وأن تُدير ظهرها لقضية الأُمَّــة المركزية في لحظةٍ تحتاج فيها الشعوب إلى أوسع موقفٍ تضامني.
بهذا، فإن خطة ترامب لم تُشرعن فقط مشروع الاحتلال، بل كشفت أَيْـضًا حجم التصدع في المواقف العربية والإسلامية، وأظهرت أن معركة فلسطين ليست مع الكيان وحده، بل مع كُـلّ من اصطف خلفه وشارك في شرعنة استباحته.