7 أُكتوبر.. فجر جديد وبداية النهاية للصهيونية
البيضاء نت | مقالات
بقلم / مرتضى الجرموزي
ونحنُ إذ نعيش الذكرى السنوية لعملية “طوفان الأقصى”، لا بد لنا أن نستحضر تفاصيلها ولحظاتها الخالدة، لنؤكّـد أن 7 أُكتوبر 2023م، تاريخٌ محفورٌ في ذاكرة الأُمَّــة؛ ليس مُجَـرّد يومٍ عابر، بل هو يومٌ مشهودٌ سطر فيه أبناء فلسطين ملحمةً بطوليةً خالدة.
إنها لحظةٌ فارقةٌ أثبتت للعالم أن إرادَة الشعوب الحرة لا تُقهر ولا يمكن أن تُهزم، وأن هذا اليوم هو فجرٌ جديدٌ لبداية النهاية للصهيونية العالمية -بعون الله وتوفيقه-.
نعم، سيظلُّ 7 أُكتوبر 2023م يومًا من أَيَّـام الله، وعمليةً سُجّلت بحروف من نور: إيمانية، قرآنية، جهادية.
لقد كانت عملية “طوفان الأقصى” ولا تزال ملحمةً بطوليةً أُسطوريةً، خارقة للمعجزات، لم تُشاهد من قبل ولم نسمع مثيلًا لها إلاّ في عهد الأنبياء والأولياء الصالحين؛ فهي عمليةٌ كتبت بداية النهاية للصهيونية العالمية.
هذه الملحمة الكبيرة، والعملية المباركة، والثورة المجيدة الخالدة، عرّت الكيان ومنظومته الأمنية والدفاعية، وكشفت هشاشة الجيش المهزوم، وأربكت حسابات الكيان وخطط التطبيع والتوسع الصهيوني في المنطقة.
لقد قدّمت دليلًا قويًّا على عظمة القرآن الكريم وعظمة الإسلام، وقوة المسلمين إذَا ما جاهدوا وانتصروا لدينهم ووطنهم وأنفسهم.
عملية “طوفان الأقصى” هي: إيمانٌ يتحدى الكفر، وحقٌ يتحدى الباطل، ونورٌ يتحدى الظلمة، وحريّةٌ تتحدى العبودية، وخيرٌ في مواجهة الشر، وكرامةٌ داهمت الإذلال وأركست قوى الطغيان وعرّت مدعي حقوق الإنسانية.
لم تكن هذه العملية مُجَـرّد هجومٍ عسكري، بل كانت صرخةَ حقٍّ مدوية في وجه الظلم والاحتلال، وردًّا قاطعًا على كُـلّ محاولات تهويد الأقصى وتشتيت الشعب الفلسطيني.
لقد كانت هذه العملية المباركة زلزالًا كشف عن الحقيقة الصارخة في وجه المستكبرين، مهما عتا عدوانُهم وكبراؤهم.
كشفت العملية عن هشاشة الكيان الصهيوني رغم تفوقه العسكري، وعرّت زيف الدعاية حول جيش الاحتلال الذي زعموا أنه لا يُقهر.
ها هو على مدى عامين يتذوّق الموت بأضعاف سكراته.
ففي كُـلّ مترٍ من تراب ورمال وسهول وسواحل قطاع غزة، يُدفن جيش الكيان وقطعانه ومعهم أطماعهم وأحلامهم المقيتة.
لقد أكّـدت هذه الملحمة البطولية والعملية الأُسطورية أن قوة الإيمان والتصميم والإرادَة قادرةٌ على صنع المعجزات، وأن الجهاد والمقاومة هي وحدها من تملك زمام تحديد مصير المنطقة.
كما أوضحت أن القضية الفلسطينية ليست مُجَـرّد قضية أرض محتلّة، بل هي قضية وجودية تتعلق بحرية الشعوب وكرامتها؛ فإعزاز الأُمَّــة مرهونٌ بانتصار فلسطين وتحريرها من دنس الاحتلال.
نعم، ورغم بعض آلام تبعاتها، نؤكّـد أن عملية “طوفان الأقصى” ستظل منارةً للشجعان والمجاهدين، ودليلًا ساطعًا على أن الحق سينتصر مهما طال أمد الظلم.
بقدر تحَرّكك يكون انتصارك، ومع الجهاد والصبر يأتي الفرج والنصر، وقد تكفّل سبحانه وتعالى بالانتصار لمن جاهدوا، “وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ”.
من المؤسف والمؤلم حقًا، أنه في خضم هذه الملحمة البطولية وتراكماتها طيلة عامين، وبدلًا عن مباركتها ودعمها وإسنادها بمختلف المجالات، بما فيها العسكرية والاقتصادية، للأسف فقد تعرّضت هذه العملية للتشويه والإساءة من قبل عديمي المروءة؛ أنظمة وشعوبًا وجماعاتٍ وأفرادًا.
هذا حدث بفعل من ركنوا للسلام وفق النظرة الصهيونية الأمريكية، وسارعوا في التولي والمسارعة فيهم تحت عناوين “السلام وحل الدولتين”، الذي يرفض الكيان الصهيوني ومعه الأمريكي الخوض فيه.
لقد تجسّد الخِذلان العربي والإسلامي، رسميًّا وشعبيًّا، لـ فلسطين وعملية طوفان الأقصى بصورة تدمي القلب وتجرح الروح.
في اللحظة التي كان فيها أطفال غزة وشبابها يسطرون أروع ملاحم الصمود والتضحية بدمائهم، تخاذل القريب وتراجعت المواقف، وتحوّل الدعم المتوقع إلى صمت مطبق أَو بيانات باهتة.
هذا التخاذل هو طعنة في خاصرة الأُمَّــة، وتنازلٌ عن قدسية الأرض والعرض، ومساهمةٌ غير مباشرة في إطالة أمد العدوان وشدة المعاناة.
لكن في قلب هذا الظلام الحالِك من التخاذل، بقيت جبهة المقاومة منارةً للوفاء والتضحية.
لقد هبّت قوى الإباء والكرامة لتقف سدًا منيعًا وتعلن بصوت عالٍ أن فلسطين ليست وحدها.
نستذكر هنا بكل فخر وتقدير الدور المشرف لـ اليمن الأبيّ، الذي وضع نفسه في قلب المعركة من خلال مواقفَ تاريخية لدعم غزة، ولـ حزب الله الذي ساند وثبّت الجبهات، ولـ المقاومة العراقية الباسلة، ولدولة إيران الداعمة والمساندة لهذه العملية المباركة.
هذه القوى لم تكتفِ بالإدانة اللفظية، بل ترجمت موقفها إلى فعل مقاوم على الأرض والبحر، مؤكّـدةً أن تحرير فلسطين هو بُوصلة الأُمَّــة وواجبها المقدس.
لقد أثبتوا أن معادلة الكرامة والتحرير لا يمكن أن تصنعَها إلا التضحيةُ والجهاد، وأنهم هم السند الذي بقيَ يدافعُ عن شرف الأُمَّــة وكرامتها، متمسكين بالحق في مواجهة الباطل، متجاوزين كُـلَّ الحدود والحسابات الضيقة، ليظل “طوفان الأقصى” شاهدًا على خِذلان المتخاذلين وجَسَارة الشجعان.