طوفان الأقصى.. زلزالُ الحقيقة الذي أسقط الأقنعة وفتح باب الزوال
البيضاء نت | مقالات
بقلم / حاتم الأهدل
في السابع من أُكتوبر، انطلقت شرارة طوفان الأقصى؛ العملية التي لم تكن مُجَـرّد مواجهة عسكرية، بل حدثًا مفصليًّا في تاريخ الصراع العربي-الإسلامي مع الكيان الصهيوني، يومٌ أعاد تعريف موازين القوة وكشف زيف الصورة التي رُسمت لعقود عن جيشٍ “لا يُقهر”، فإذا به يُقهر في وضح النهار، ويظهر للعالم على حقيقته: كيان هشٌّ يقوم على الخوف والدعم الخارجي، لا على الثبات والاقتدار.
لقد جاءت عملية طوفان الأقصى لتفضح الوهم الذي بناه الكيان المحتلّ حول قوته وقدرته الاستخبارية والعسكرية، ولتثبت أن هذا الكيان قائم على الهلع والارتباك، وأن أمنه المزعوم ليس إلا قشرة رقيقة تنهار أمام إيمان المقاتلين الصادقين الذين حملوا في صدورهم العقيدة والإرادَة بدل العتاد والدعم الدولي.
لكن الطوفان لم يكن فقط زلزالًا في الميدان العسكري، بل كان زلزالًا فكريًّا وعقائديًّا أَيْـضًا؛ فقد فرز المؤمنين من المنافقين، والمواقف من الادِّعاءات. ففي لحظة الحق هذه، سقطت أقنعة كثيرة كانت تتغطى بشعار “فلسطين”، وتتكسب باسم “المقاومة”، فإذا بها تنكشف حين دقّت ساعة الموقف، وتنكص على أعقابها، بل وتشارك في خنق غزة الصابرة بالتآمر أَو الصمت أَو التبرير.
لقد عرّى الطوفان كَثيرًا من الأنظمة والأحزاب والتيارات التي طالما رفعت شعارات النضال فإذا بها في لحظة الامتحان تخذل المقاومة وتبرّر العدوان، وتضع يدها في يد الجلاد. وبهذا ميز الله الخبيث من الطيب، وأظهر الحق جليًّا لمن كان له قلب أَو ألقى السمع وهو شهيد.
إن طوفان الأقصى فتح صفحة جديدة في التاريخ، صفحة الوعي والبصيرة، وذكّر الأُمَّــة بأن طريق التحرير لا يُعبد بالبيانات ولا بالمفاوضات العقيمة، بل بالعزيمة والإيمان والدماء الطاهرة. لقد كشف للعالم أن الأُمَّــة ما زالت قادرة على النهوض حين تستيقظ فيها روح الإيمان، وأن الكيان الصهيوني قد بدأ فعلًا مرحلة العد التنازلي لزواله، كما وعد الله في كتابه العزيز:
{وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ لِبَنِيٓ إِسۡرَٰءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ لَفِيفٗا} (الإسراء:١٠٤)
إن السابع من أُكتوبر لم يكن مُجَـرّد تاريخ، بل تحول حضاري ومعنوي وروحي في مسار الأُمَّــة، أعاد إليها الثقة بقدرتها، وفضح عدوها ومن تواطأ معه، وفتح الباب واسعًا أمام زمنٍ جديد عنوانه:
التحرّر والكرامة وزوال الكيان الظالم من الوجود.