الإنجاز الأمني اليمني الكبير .. عملية ’’ومكر أولئك هو يبور’’ تكشف أخطر شبكات التجسس المشتركة ضد اليمن
البيضاء نت | تقرير
في واحدة من أوسع العمليات الأمنية التي نفذتها الأجهزة اليمنية خلال السنوات الأخيرة، أعلنت وزارة الداخلية عن عملية استخباراتية نوعية بالغة الدقة والتعقيد أطلقت عليها اسم (ومكر أولئك هو يبور)، أسفرت بفضل الله تعالى وتوفيقه وعونه، عن تفكيك شبكة تجسسية واسعة النطاق ترتبط مباشرة بما وصِف بـ”غرفة عمليات مشتركة” تضم الاستخبارات الأمريكية (CIA)، والموساد الإسرائيلي، والاستخبارات السعودية، تتخذ من الأراضي السعودية مقرًا لإدارتها وتنسيق أنشطتها ضد اليمن.
ويأتي هذا الإنجاز في وقت بالغ الحساسية، تتقاطع فيه ملفات الأمن والسياسة في المنطقة، وتشهد فيه الساحة اليمنية تصاعدًا في مستوى الاستهداف الخارجي، خصوصًا بعد الموقف اليمني الواضح والمساند لغزة وفلسطين، والذي أثار حفيظة قوى العدوان ودفعها إلى تصعيد أنشطتها الاستخباراتية ضد البلاد.
بداية الخيط .. مراقبة دقيقة أدت إلى كشف الشبكة
تؤكد المعلومات التي أعلنت عنها وزارة الداخلية أن عملية الرصد والتحري بدأت منذ أشهر عدة، بعد ورود مؤشرات أمنية أولية عن تحركات مريبة لعناصر مدنية في بعض المحافظات، كانت تقوم بتصوير مواقع حيوية وعسكرية، وجمع معلومات حول قيادات في الجيش والأمن.
ومع توالي عمليات المراقبة الميدانية والتحليل التقني للاتصالات والبيانات، تبيّن أن هذه التحركات ليست فردية، بل جزء من نشاط منظم يتبع خلية تجسس احترافية، تعمل وفق تعليمات خارجية دقيقة، وتتلقى مهامها بشكل مباشر من ضباط أجانب عبر قنوات اتصال مشفرة.
ومن خلال متابعة متقدمة ،تمكنت الأجهزة الأمنية من اختراق منظومة الاتصال والتشفير التي كانت تستخدمها الخلايا، ما أدى إلى تحديد خطوط الارتباط والتواصل مع غرفة عمليات استخباراتية مقرها في السعودية.
غرفة العمليات المشتركة .. تنسيق استخباراتي ثلاثي ضد اليمن
وبحسب بيان وزارة الداخلية، فإن التحقيقات أثبتت أن الغرفة المشتركة كانت تضم ممثلين عن المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي والاستخبارات السعودية، وتُعد مركز إدارة وتخطيط مشترك للأنشطة العدوانية ضد اليمن.
وقد تكفلت هذه الغرفة بتجنيد عناصر يمنية ضعيفة النفوس، عبر وسطاء سعوديين أو منظمات وهمية تُغريهم بالمال والوعود، لتكليفهم بمهام تجسسية تبدأ من المراقبة الميدانية والتصوير، وتنتهي بتحديد الإحداثيات وإرسالها عبر أجهزة متطورة زُوّدوا بها خصيصًا لهذا الغرض.
كما كشفت التحقيقات أن هذه الغرفة كانت تعمل ضمن استراتيجية استخباراتية متكاملة هدفها إضعاف اليمن من الداخل، وتعطيل قدراته العسكرية، وإرباك جبهته الداخلية، لا سيما بعد أن تصدّر اليمن مشهد المواجهة مع الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وأعلن دعمه الصريح لغزة وشعبها المقاوم.
تطور الشبكة .. نتيجة الفشل الاستخباراتي السابق وتصاعد الصراع
تطور عمل هذه الشبكة من حيث الأدوات والهيكلية وطبيعة التدريب جاء نتيجة طبيعية لفشل شبكات سابقة تم كشفها وتفكيكها في السنوات الماضية، فبعد الضربات المتتالية التي تلقتها أجهزة المخابرات المعادية في اليمن، لجأ العدو إلى تغيير أسلوب العمل، بحيث تتحرك كل خلية بشكل مستقل دون ارتباط مباشر بغيرها، لتقليل فرص اكتشافها في حال سقوط إحداها. كما تم اعتماد أساليب تقنية متقدمة تشمل أجهزة بث وإرسال صغيرة الحجم، وأنظمة تتبع دقيقة، وبرامج اتصالات مشفرة يصعب رصدها في الظروف العادية.
هذا التطور في العمل الاستخباراتي يعكس حالة الإصرار لدى العدو على اختراق اليمن، خصوصًا بعد أن فشلت محاولاته العسكرية المباشرة، واضطر إلى التركيز على الحرب الناعمة والاستخباراتية كخيار بديل.
الخيانة بلا مبرر .. السقوط في مستنقع العمالة بسبب ضعف الإيمان
في ميزان القيم والأخلاق، لا مبرر للخيانة، ولا عذر يمكن أن يبرر الانحراف عن طريق الوطن والضمير، فالخيانة ليست لحظة اضطرار، بل قرارٌ واعٍ بالانفصال عن المبادئ، واصطفافٌ مع العدو على حساب الأرض والعِرض والكرامة.
كثيرًا ما يحاول الخونة أن ينسجوا لأنفسهم مبررات زائفة، فيتحدثون عن ضيق الحال، وشظف المعيشة، وانقطاع الرواتب، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وكأن قسوة الحياة تُجيز لهم بيع الوطن أو تسليم أسراره للعدو، لكن الحقيقة أن الجوع لا يصنع خائنًا، كما أن الفقر لا يبرر التورط في دماء الأبرياء.
فما يُسقط الإنسان في مستنقع العمالة ليس الفقر، بل ضعف الوازع الديني، وانطفاء شعلة الإيمان، وغياب الضمير الوطني. فهناك من عاش أشد الظروف قسوة، لكنه بقي وفيًا لأرضه، مؤمنًا بأن الشرف لا يُقايض، وأن الوطن لا يُباع مهما كانت المغريات.
الخائن لا يبرر خيانته، بل يبرر ضعفه، لأن من يتنازل عن مبادئه لأجل المال أو المنصب إنما يهدم ذاته قبل أن يضر وطنه، والذين ارتموا في أحضان الأعداء لم يكونوا ضحايا الظروف، بل ضحايا أنفسهم، باعوا ولاءهم مقابل وعود زائلة، وتحولوا إلى أدواتٍ تخدم مشاريع أعداء الأمة، سواء كانت أمريكية أو صهيونية أو سعودية أو غيرها.
إن الخيانة ليست موقفًا سياسيًا، بل انحراف أخلاقي عميق، لا يمكن تبريره بالمبررات الاقتصادية أو الاجتماعية، لأنها تعني التورط في استهداف وطنٍ بأكمله، والمساهمة في سفك دماء الأبرياء، وتسهيل ضربات العدو ضد شعب أعزل.
ولذلك، فإن كل من يختار طريق العمالة والخيانة، إنما يحكم على نفسه بالعزلة والعار، مهما حاول أن يختبئ خلف لافتات المعاناة، لأن الشرفاء – رغم ما يواجهونه من قسوة – يظلون حراس الكرامة، أما الخونة فتبقى أسماؤهم علامات سوداء في سجل التاريخ.
اعترافات تكشف الإصرار على استهداف المدنيين
من أخطر ما كشفته التحقيقات، هو اعترافات الجواسيس بتورطهم في تزويد العدو بإحداثيات لمواقع مدنية وخدمية، كانت لاحقًا هدفًا لغارات جوية أو بحرية مباشرة.
ومن بين تلك المواقع محطة شركة النفط في صنعاء، ومحطات الكهرباء، ومستشفى الرسول الأعظم في صعدة، إضافة إلى استهداف تجمعات مدنية ومساجد وشوارع عامة وحتى أماكن تجمع اللاجئين الأفارقة في صعدة.
وأشارت الوزارة في بيانها إلى أن هذه الاعترافات تؤكد تعمد العدو الإضرار بالمدنيين والبنية التحتية اليمنية، واستخدام الجواسيس كأداة لتوجيه نيرانه إلى أهداف لا علاقة لها بالعمل العسكري.
إحباط المخطط وكشف تفاصيل أوسع
بفضل التخطيط الدقيق واليقظة الأمنية العالية، تمكنت الأجهزة اليمنية من الإيقاع بالعناصر الإجرامية قبل تنفيذها كامل مهامها.
وأوضحت وزارة الداخلية أن العملية تمت على عدة مراحل، شملت الرصد، والتحليل الفني، والمتابعة الميدانية، والاختراق الإلكتروني، وصولًا إلى القبض على العناصر في مواقع متفرقة.
وخصّت وزارة الداخلية في بيانها المواطنين اليمنيين بالشكر والتقدير، مؤكدة أن يقظتهم ووعيهم الأمني كانا العامل الحاسم في نجاح العملية.
فقد أسهمت البلاغات الشعبية والملاحظات التي رفعها مواطنون حول تحركات مشبوهة في تسهيل مهمة الأجهزة الأمنية، وتوجيهها إلى العناصر المطلوبة.
وأكدت الوزارة أن هذا التعاون الشعبي يعكس حالة الوعي الجماعي المتقدم، الذي بات يشكل سياجًا واقيًا للجبهة الداخلية أمام أي محاولات اختراق أو تجسس.
أبعاد ودلالات العملية الأمنية
يأتي الإعلان عن هذه العملية في لحظة سياسية حرجة، حيث يشهد اليمن تصعيدًا استخباراتيًا وإعلاميًا واسعًا بالتزامن مع المواجهة المفتوحة مع الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، ومع دعم صنعاء المتواصل للمقاومة الفلسطينية.
ويُعدّ هذا التوقيت رسالة مزدوجة، للداخل اليمني بأن الأمن حاضر ومتأهب، وللخارج بأن محاولات الإرباك والاختراق ستبوء بالفشل.
كما أن اشتراك ثلاثة أجهزة استخباراتية كبرى في هذه المؤامرة يشير إلى أن الصراع لم يعد يقتصر على البعد العسكري، بل انتقل إلى ميدان المعلومات والحرب النفسية، فمحاولات التجسس، في هذه المرحلة، تهدف إلى شل الإرادة اليمنية وضرب استقرارها الداخلي، بعد أن أثبتت قدرتها على تغيير معادلات القوة الإقليمية.
وعلى المستوى الداخلي، يمثل هذا الإنجاز انتصارًا أمنياً يؤكد رسوخ الوعي الأمني في المجتمع الذي يعتمد على وعي المواطن ودوره في هذا الإنجاز.
كما يعكس أن الحرب على اليمن ليست فقط صواريخ وطائرات، بل حرب عقول ومعلومات، وأن التصدي لها يحتاج إلى تماسك اجتماعي وديني متين.
ختاماً
تؤكد عملية (ومكر أولئك هو يبور) أن اليمن يخوض اليوم حربًا استخباراتية مفتوحة ومعقدة، تشارك فيها أجهزة دول الاستكبار الكبرى، تشترك في هدف واحد هو إضعاف اليمن وكبح دوره في دعم قضايا الأمة.
لكن ما أثبتته العملية أيضًا أن هذا البلد، رغم كل الجراح، يمتلك أجهزة أمنية متمرسة، وشعبًا يقظًا، وإرادة لا تنكسر.
فبفضل الله تعالى وتوفيقه، وبفضل الوعي الجمعي المتنامي، يواصل اليمنيون إفشال مخططات الأعداء، وكشف خيوط التآمر، ويكتبون صفحة جديدة في سجل السيادة الوطنية والأمن الذاتي.
المصدر: موقع يمانيون