خُدعة وقف إطلاق النار في غزة: بين الوهم والواقع
البيضاء نت | مقالات
بقلم / شعفل علي عمير
في كُـلِّ مرة يُعلن فيها عن وقف لإطلاق النار في غزة، ترفع الأصوات المرهقة صلواتها علّ هذا الإعلان يكون بداية لسلام حقيقي.. لكن المشهد على الأرض يكشف عن واقع مرير: خدعة متكرّرة ينسجها الكيان المحتلّ لتمويه المجتمع الدولي، بينما يستمر في حصاره الخانق وقتله البطيء لأكثر من مليوني فلسطيني.
يبدو وقفُ إطلاق النار كإجراء تكتيكي تهدف منه كَيان الاحتلال إلى امتصاص الغضب الدولي وكسب الوقت لإعادة ترتيب أوراقها.
فهو ليس نهاية للعدوان، بل استراحة محارب يخطط فيها لضربات أكثر دموية.
فبينما تهدأ الأصوات مؤقتًا، تظل جدران الحصار قائمة، بل وتزداد قسوة.
فالحصار “الإسرائيلي”، الذي يمثل شكلًا صارخًا من العقاب الجماعي المحظور دوليًّا، لم يتراخَ لحظة.
بل تحوّل إلى أدَاة ممنهجة لتحطيم الإنسان والمكان معًا.
والأخطر أن هذا الحصار يمنعُ حتى إدخَالَ الخِيام والمواد الأَسَاسية التي تحمي السكان من برد الشتاء القارس؛ مما يفاقم الكارثة الإنسانية ويحوّل الحياة إلى جحيم يومي.
وفي الوقت الذي يختنق فيه أطفال غزة تحت وطأة الحصار، تواصل بعض الدول العربية “هرولتها” نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكأن التاريخ لم يقدّم لها دروسًا كافية.
فكَيانُ الاحتلال الذي لم يحترم أي اتّفاق في الماضي، لا يمكن أن يكون شريكًا للسلام اليوم.
التطبيعُ ليس سوقًا للمصالح المشتركة، بل هو استسلام لمعادلة الظلم، وتكريس للهيمنة الصهيونية على المنطقة.
إن الدروسَ التاريخية واضحة: كُـلّ الاتّفاقيات السابقة مع هذا الكيان لم تنتج سوى مزيد من التوسع والعدوان.
فمصلحتُه تكمن في إبقاء المنطقة في حالة توتر دائم، ليكون ذلك ذريعة لمواصلة احتلاله وسرقة أراضي الآخرين.
لقد حان الوقت لأن تدرك الأُمَّــة أن القضية الفلسطينية ليست مُجَـرّد ملف دبلوماسي يُفاوض عليه، بل هي قضية وجود وكرامة.
ولا حَـلّ لها إلا بموقف عربي وإسلامي موحَّد، يرفض الخدع والمساومات، ويصر على استعادة الحقوق كاملة غير منقوصة.
فخدعة وقف إطلاق النار، واستمرار الحصار، ووهم التطبيع، كلها حلقات في سلسلة المكر الصهيوني الطويلة.
والسبيل الوحيد لكسر هذه الحلقات هو الاعتصام بالحق، والتسلح بالوعي، والإصرار على أن السلام الحقيقي لا يُبنى على أنقاض المظلومين، بل على عدالة تُعيد الأرض لأهلها، والكرامة للإنسان.