مرحلة الحسم.. يثبت فيها من رسَّخ التقوى في قلبه

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / محمد فاضل العزي

 

إنها مرحلةٌ تتمايز فيها الهمم، وينكشف فيها أهل الإيمان، وتُعرف فيها قيمة من جعل الإيمان زاده، والتقوى سلاحه، والبصيرة نوره.. قال الله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. فالتمكين يبدأ من الداخل.. من القلب الذي لا يرتجف.

الإيمان هو النار التي تُوقِد العزم.. ليس الإيمان كلمة تتردّد، بل نور يُحيي الروح.

يقول المصطفى (صلوات الله عليه وآله وسلم): “إن في الجسد مضغة إذَا صلحت صلح الجسد كله”.

والمضغة التي تُشعل الثبات هي القلب.. قلبٌ امتلأ نورًا وثقة.

التقوى مفتاح الحسم وشرط البصيرة، وبالتقوى يكون الإنسان ثابتًا حين تضطرب الأرض، وبها يُكشف الباطل ولو تزيَّن بألف وجه.

قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾. والمخرج هنا ليس طريقًا فقط.. بل بصيرة، وحكمة، وتوازن، وصبر، وهمة.

وقال أيضًا: ﴿إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا﴾. والفرقان هو القدرة على تمييز الحق في طريق الهداية وسط العتمة، ووسط الضجيج الكاذب والإشاعات والدعاية وغيرها..

كان الإمام علي (عليه السلام) يقول: “اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أسررتم علم”.

ويقول: “التقوى دواء داء قلوبكم، وبصيرة عمى أفئدتكم”.

وكأنه يحدّثنا عن هذه المرحلة: مرحلة لا ينجو فيها إلا من كانت التقوى في صدره جمرةً من نور.. لا تخمد.

وفي كلمته المشهورة: “من أصلح سريرتَه أصلح اللهُ علانيتَه، ومن اتقى ربه وقاه”.

فالنصر يبدأ من الداخل.. من السرائر التي تُخلِص، والنوايا التي تصدق، والقلوب التي تخشع.

هذه المرحلة.. تحتاج قلوبًا مُتَّقدة تستند إلى قول النبي (صلوات الله عليه وآله وسلم): “واعلم أن النصر مع الصبر”.

وصبر المتقين ليس سكونًا.. بل قوةٌ داخلية تشعل الثبات وتطفئ الهلع.

وقلوبًا تتغذى بقول الله: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. فالعاقبة ليست للمتسرعين.. ولا للمتراجعين.. بل لمن صبروا، وثبتوا، واتقوا، ورأوا بنور الله.