مهما طال ليلُ الاحتلال.. فجرُ التحرير وعدُ الله
البيضاء نت | مقالات
بقلم / عبدالله عبدالعزيز الحمران
في منطق القرآن، لا يُقاس طولُ الليل بعدد ساعاته، بل بما يحملُه من ظلم، ولا يُقاس الفجر بقربه الزمني، بل بحتميته الإلهية.. هكذا يضعنا القرآن أمام سننٍ لا تتبدّل: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض﴾؛ وعدٌ لم يُعلَّق على قوة السلاح، بل على صدق الموقف، وصبر المؤمنين، وثباتهم في وجه الطغيان.
فلسطين اليوم تعيش أحدَ أطول ليالي الظلم في تاريخها، لكن هذا الليل، وفق الرؤية القرآنية، ليس إلا مرحلةً تسبق التحوّل.
فالقرآن لا يروي قصصَ الاستضعاف ليُؤبّد الهزيمة، بل ليؤكّـد أن الطغيانَ -حين يبلغ ذروته- يكون قد بدأ العدُّ التنازلي لسقوطه: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرض﴾.. ثم كانت النهاية.
الاحتلال الصهيوني، مهما امتلك من أدوات البطش والدعم الغربي، يقف اليوم في الموقع ذاته الذي وقف فيه الطغاة عبر التاريخ: قوةٌ عارية من الحق، وسلاحٌ منفصل عن القيم، ومشروعٌ يقوم على الإفساد في الأرض.
والقرآن كان حاسمًا في توصيف هذه الحالة: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾؛ فالإمهال ليس غفلة، بل سُنّة اختبار، يعقبها الحساب.
ومن يتأمل مسار الصراع من زاوية قرآنية، يدرك أن الهزيمة الحقيقية ليست في كثرة الشهداء ولا في شدة الحصار، بل في التخلي عن الموقف.
لذلك ظلّ الشعب الفلسطيني، رغم الجراح، ممسكًا بجوهر القضية، رافضًا للانكسار، محافظًا على جذوة المقاومة؛ لأن القرآن يربط النصر بالصبر والثبات: ﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾.
وفي المقابل، يكشف القرآن زيفَ كُـلّ من يحاول تبرير الصمت أَو الحياد في معركة الحق؛ فالموقف الرمادي لا وجود له في ميزان الله: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾.
فالصمت أمام الجريمة ليس حيادًا، بل انحياز للباطل، والتخلّي عن فلسطين ليس سياسة، بل سقوطٌ أخلاقي وفقدانٌ للبُوصلة الإيمانية.
إن فجرَ التحرير في فلسطين ليس حلمًا رومانسيًّا، بل وعدٌ ربانيٌّ مرتبطًا بحركة الأُمَّــة نحو القرآن، وعودة الوعي إلى موقعه الصحيح، وتحوّل الإيمان من شعارات إلى مواقف.
وحين تتكامَلُ هذه العناصر، يصبح الاحتلال عبئًا على نفسه، وتتحوَّل قوتَه إلى مصدر خوفٍ داخلي، كما وصف القرآن حال الطغاة: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾.
مهما طال ليلُ الاحتلال، فإن القرآنَ يقطع الشك باليقين: النهايات لا تُكتب بأيدي الظالمين، بل تُختم بوعد الله للمستضعفين.
وفلسطين، التي صبرت وثبتت، ماضية نحو فجرها؛ لأن الله لا يخلف الميعاد، ولأن الحق، مهما حورب، لا يموت.. بل ينتصر.