سلاسل التوريد على مسرح العمليات في الجنوب اليمني المحتل.. من يقود الآخر؟

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / الدكتور فاضل الشرقي

 

لن يقبل أبناء الجنوب اليمني الأحرار -وهم كثير- بحالة الشتات والتمزق، والتجزئة والتقسيم، ونهب الثروات، وعودة الإحتلال والإستعمار وأدواته وأياديه مجددا تحت أي عنوان كان، ولا بالتبعية والعمالة لأحد، ولا بتسليم حبة تراب واحدة من الوطن الغالي وجزره ولا مياهه لكيان الإحتلال الإسرائيلي، ولا لأي محتل مستعمر وعميل.

لا أحد يقبل ببراءة السعودية مما يحدث في جنوب اليمن المحتل، مهما كان هناك من تباينات بين أطراف تحالفها المشين، فهي من تقود هذا التحالف وتموله، وهي من أسسه، وتولى كبره، وجلب كل مرتزقته، وكل قوى العدوان الداخلية والخارجية تأتمر بأمرها، وعليها وزره وإثمه ومسؤليته وتبعاته، وإن حاولت التنصل، وإظهار معارضتها ورفضها، والخلاف مع حلفائها وأدواتها ومرتزقتها، والرمي بالمسؤلية عن عاتقها وتحميلها لبعض القوى والأطراف الداخلية والخارجية، إلا أن ذلك جزؤ لا يتجزأ منها ولا ينفصل عنها.

هناك من لا يستبعد الفرضية التي تقول بأن أدوات ومرتزقة تحالف العدوان السعودي الإماراتي قد تجاوزوا الوكلاء المشغلين إلى التبعية المباشرة للأمريكي والإسرائيلي، وإن لم يكن كليا فبشكل جزئي، الأمر الذي شكل صفعة قوية لثنائي الشر والإجرام والعدوان، وفرض عليهما مسايرة الأمر الواقع بكل تفاصيله، دون أن يترك لهما الأمريكي أي مساحة جانبية.

 

بهذا أوعزت أمريكا وإسرائيل للإمارات بتحريك مرتزقتها على أرض الجنوب المحتل لفرض سيطرة تامة ومباشرة، وعليها التنفيذ بصمت، فيما على السعودية عدم الإدلاء بأي مواقف أو اتخاذ أي إجراءات، فنفذت الإمارات ما طلب منها ودفعت بقواتها العميلة لمباشرة التوسع المباغت والسيطرة المفاجئة، وفي نفس الوقت أوعزت السعودية لأدواتها ومرتزقتها فيما يسمى بالمجلس الرئاسي بالمغادرة إلى الرياض، ولمرتزقتها في مارب وتعز والساحل التهامي بتكثيف النشاط السياسي والإعلامي والجماهيري وإظهار الجهوزية نحو صنعاء فقط لا غير، وافتعال المعارك الوهمية، بهدف ممارسة التغطية المواكبة، لتضليل الجماهير والرأي العام التابع والموالي لها، فيما أوعزت للقوى العسكرية والأمنية ومعها القوى القبلية والمحلية الفاعلة في المحافظات المستهدفة الرافضة لهجوم قوات مرتزقة الإمارات بالتسليم والإنسحاب وعدم المواجهة، وهي ستتكفل بإخراج هذه القوات وإعادتها إلى تموضعها السابق، فيما (الإنتقالي) يسارع خطوات الزحف والتثبت وإحكام السيطرة الفعلية على الأرض دون أي مقاومة أو مجابهة تذكر، ويقوم بتعبئة الشارع الجنوبي واجتراره للإعتصامات والمظاهرات ومعه الجاليات للمطالبة بالإنفصال، والدفع بالعناصر الرسمية والسياسية والقبلية وستتبعها الدبلوماسية لإعلان التأييد والانظمام للمجلس الإنتقالي، فلا ما يسمي بالرئاسي ولا الإنتقالي ولا كل هذه الأدوات على علم ومعرفة بما يقولون ويفعلون وينفذون، وهذا فعلا ما يطبق وينفذ على مسرح العمليات والمؤامرات في جنوب الوطن، كجزء من شراكة استراتيجية عميقة لتغيير الشرق الأوسط، وقيام دولة إسرائيل الكبرى.

 

إلا أن الخلاصة تقطع بتحميل الإحتلال السعودي كامل المسؤلية عن أي تجزئة وتقسيم وعبث بأراضي الجمهورية اليمنية، وممارسة أي إجراءات تتعلق بالسيادة والأمن والاستقرار، وإثارة العنف والفوضى والنهب والتدمير والخراب وسفك الدماء، وأي تدخلات من قبل أي طرف، فهو من جلب كل القوى الخارجية، وشكل المليشيات وعمل على تدريبها وتمويلها وتسليحها في كل المناطق والجبهات، لتعمل تحت إمرته وتوجيهاته ومصالحه، بل حتى المعاهدات والقوانين الدولية ترتب على أي قوة إحتلال مسؤلية كاملة.

في نفس الوقت لن يسمح اليمنيون الأحرار لأي طرف كان بتمزيق وتقسيم بلدهم، وإخضاعه للهيمنة والوصاية والتبعية من جديد، ولا بتسليمه لكيان الإحتلال الصهيوني، ولن يكون -اليمن- بأي حال من الأحوال جزءا من اتفاقيات (ابراهام) ومخططات التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي.

للعلم بأن أي تجزئة وتقسيم لليمن، ستؤدي -حتما- لتجزئة وتقسيم السعودية، وباقي دول وشعوب المنطقة، وهذا -بالضبط- مشروع التغيير الاستراتيجي للمنطقة، والشرق الأوسط الجديد، الذي توعد به مجرم الحرب نتنياهو، بشراكة أمريكية مطلقة، وحلفاء آخرين حسب تعبيره.