جنوب اليمن.. ساحة تصفية حسابات لا وطن
البيضاء نت | مقالات
بقلم / براق المنبهي
في الوقت الذي كانت فيه صنعاء تُرمى بكل التهم، وتُوصف بأنها عاصمة “الميليشيات” و”الانقلاب”، كانت الحقيقة تُكتب في الجنوب، ولكن بحبرٍ خارجي، وبأيدٍ ليست يمنية.
اليوم، وبعد سنوات من الضجيج الإعلامي والتضليل السياسي، تتكشف الصورة أمام أعين اليمنيين: من هي الدولة، ومن هم المرتزِقة؟ من يحكم بإرادَة وطنية، ومن يُدار بالريموت من خارج الحدود؟
ما يحدث اليوم في الجنوب اليمني ليس سوى نتيجة طبيعية لتراكمات التدخل الخارجي، الذي لم يأتِ يومًا لنصرة اليمن أَو دعم وحدته، بل جاء ليُقسّم ويُضعف ويُحيل الأرض إلى ساحة صراع بالوكالة.
السعوديّة تقصف قوات “الانتقالي” التي لطالما تغنّت بأنها حليفها، والإمارات تواصل دعمها لهذا الكيان الذي لا يعترف أصلًا بوَحدة اليمن.
فهل هذه هي الشراكة التي بُني عليها “التحالف”؟ أم أن الجنوب بات مُجَـرّد رقعة شطرنج يتناوب عليها اللاعبون؟
قوات المجلس الانتقالي التي ترفع شعارات “التحرير” و”الاستقلال” ليست سوى واجهة لمشروع خارجي، لا يمت بصلة لطموحات أبناء الجنوب.
كيف يمكن لقوة تدّعي تمثيل شعب أن تقبل أن تُدار من غرف عمليات في أبو ظبي؟ كيف يمكن لقائد أن يبرّر قصف أبناء وطنه بطائرات أجنبية؟ أليس هذا هو التعريف الحقيقي للارتزاق؟
في المقابل، ورغم كُـلّ ما قيل ويُقال، تظل صنعاء اليوم العاصمة الوحيدة التي تُدار بإرادَة يمنية خالصة.
لا قواعد أجنبية، لا طائرات تقصف بأوامر خارجية، ولا ميليشيات تتلقى رواتبها من سفارات.
الدولة في صنعاء، رغم الحصار والحرب، ما زالت تحكم وتدير وتقاوم، بينما الجنوب غارق في فوضى السلاح والتبعية.
هذه اللحظة ليست عابرة، إنها لحظة وعي.
على المواطن في عدن، في شبوة، في حضرموت، أن يسأل نفسه: من يملك قراره؟ من يحكمه؟ من يقصفه؟ هل الطريق إلى التحرير يمر عبر أبو ظبي والرياض، أم عبر صنعاء التي لم تقصف يومًا أبناءها؟ آن الأوان أن يُعاد تعريف “الميليشيا” و”الشرعية” و”التحرير”؛ فالمفاهيم انقلبت، والحقيقة باتت أوضح من أي وقت مضى.
لم يعد الأمر يحتمل التأجيل؛ تحرير اليمن من الوصاية الخارجية، من أدواتها، من مرتزِقتها، صار واجبًا وطنيًّا.
لا يمكن لوطن أن يُبنى على رمال متحَرّكة من التبعية والانقسام.
الوحدة ليست شعارًا، بل مشروع مقاومة، يبدأ من الوعي، ويمر عبر الثورة، وينتهي باستعادة القرار اليمني من أيدي الغرباء.
فهل آن الأوان أن نُعيد البُوصلة إلى صنعاء؟ أم سنظل نبحث عن وطن في عواصم لا تعرف اليمن إلا كغنيمة؟