حفلة شواء

البيضاء نت |  مقالات

بقلم / د. عبدالرحمن المختار

 

استعدت المقاومة الإسلامية في قطاع غزة لليوم الذي يلتقي فيه ثنائي الجريمة ترامب ونتن ياهو في العاصمة الأمريكية واشنطن في وكر الجريمة المسمى البيت الأبيض، وكانت الأفعال المؤثرة للمقاومة الإسلامية في قطاع غزة هي الدافع الأَسَاس لذلك الترويج الواسع عن الرغبة الترامبية الأمريكية لمسمى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال الماكينة الإعلامية المكلَّفة بتغطية أفعال جريمة الإبادة الجماعية، تلك الرغبة تهدف أَسَاسًا إلى إخراج نتن ياهو وجيشه المتهاوي من مأزقه الجديد، الذي يتكبد فيه خسائر يومية فادحة على مستوى الأفراد والمعدات.

 

وتزامن مع إعلان الرغبة الترامبية الأمريكية المزعومة مرونة معلنة وقبول مبدئي من جانب قادة الكيان الصهيوني لإبرام اتّفاق لمسمى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتم تبرير هذه المرونة بأنها تأتي نزولًا عند رغبة مجرم الإدارة الأمريكية ترامب، وهو من سبق له تهديد غزة بفتح أبواب الجحيم على سكانها في حال لم تنصَع حماس لإطلاق جميع الرهائن في وقت واحد ومحدّد، وهو صاحب فكرة إخلاء غزة من سكانها إلى دول الجوار أَو إلى أراضي أية دول أُخرى توافق على استقبالهم، ولا تزال هذه الفكرة قائمة ومطروحة للنقاش حتى الآن، وهو أَيْـضًا صاحب فكرة “مؤسّسة غزة الإنسانية” الصهيوأمريكية ذات الأهداف الإجرامية، التي سهلت لجيش الكيان المجرم مهمة الفتك بمئات الجوعى من أبناء الشعب الفلسطيني.

 

ومع فشل جميع الخطط الشيطانية الصهيوأمريكية وعلى رأسها عملية “عربات جدعون” التي تم إطلاقها؛ بهَدفِ معلن وهو استكمال القضاء على المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، وتحرير من تبقى من الرهائن، وحين أدرك نتن ياهو حجم خيبته وخيبة عرباته الجدعونية، التي تحولت إلى أفران متنقلة لشوي العجول الصهاينة، حينها لم يجد بُدًّا من الاستنجاد بترامب؛ لإخراجه من مأزقه الحرج، وتخليصه من الطوق الذي بدأ يضيق حول عنقه داخليًّا، ووفقًا لمسلسل تبادل الأدوار أطلق المجرم ترامب بشكل فوري رغبته في التوصل إلى اتّفاق لمسمى وقف إطلاق النار مع حماس في قطاع غزة، رغم تعارض هذه الرغبة مع ما سبق أن أعلنه من رغباته متعددة حول القضاء على حماس أَو نفي قادتها خارج القطاع، بل نفي وتهجير جميع سكان القطاع!

 

وفي سبيل إقناع الرأي العام بكذبة الرغبة في التوصل لاتّفاق مع حماس، تم إطلاق العنان للماكينة الإعلامية لتغطية التكتيكات المعتادة في مثل هذه الحالات، وتم الإيعاز كذلك إلى الأدوات الوظيفية في المنطقة للعب دورها المعتاد، تحت مسمى الوساطة، والتي يستخدمها ثنائيُّ الجريمة لتجاوز المأزِق الراهن وتمرير الخطط البديلة، وما تتطلبه من مساحات زمنية وخدع وفبركات وأكاذيبَ لتنفيذها، وليس عنا ببعيد ما سبق جريمة العدوان على الجمهورية الإسلامية، من ترويج للمفاوضات والوساطات، لينتهيَ الأمرُ بعدوان إجرامي غادر خلافًا لما هو معلَن!

 

ورغم أن عمليات المقاومة الإسلامية في قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين كانت كافية بحد ذاتها لإرغام ثنائي الجريمة على البحث عن مخرج من مأزِق عربات جدعون، التي فتكت بها عملية “حجارة داوود”، غير أن المقاومة الإسلامية في غزة كانت أكثر كرمًا وسخاء وإصرارًا على تتويج لقاء الثنائي الإجرامي بحفلة شواء معتبَرة؛ فكانت حفلة الشواء في ليلة اللقاء لـ 6 عجول صهاينة وأضعافهم جرحى، هي التي تصدرت عواجل الأخبار وعناوين التغطيات والتناولات الإعلامية، وتحولت أجندة اللقاء الأَسَاسية على طاولة ثنائي الجريمة إلى هامشية مضحكة، خُصُوصًا ترشيح المجرم نتن ياهو للمجرم ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام!

 

وقد سبِقَ الشعبُ اليمني الفعاليةَ الغزاوية المسائية الشوائية بفعالية بحرية دسمة مثلت وجبة غداء “مندية” على الطريقة اليمنية، حين أغرقت القوات المسلحة اليمنية بعملية مشتركة سفينةً من السفن المتعاملة مع موانئ الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلّة، المنتهكة للحظر المعلَن مسبقًا، ولتكون هذه السفينة والشركة المالكة لها عبرةً لغيرها من الشركات المشغِّلة للسفن التجارية، التي يمكن أن تتجاهل مستقبلًا قرارَ حظر التعامل مع موانئ الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية العربية المحتلّة، ولتدركَ جميعُ الشركات العالمية بهذه العملية مدى جدية الشعب اليمني في فرض الحظر البحري على الكيان الصهيوني، ومدى إصرارِه على الاستمرار في إسنادِ مظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مهما كان حجم التداعيات وردود الأفعال الصهيوأمريكية.

 

وبذلك فقد أربكت عمليةُ الجيش اليمني في البحر الأحمر، وعملية المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، ما سبق لثنائي جريمة الإبادة الجماعية الترتيبُ له على طاولة النقاش في وكر الجريمة وفي عاصمة الإجرام العالمي واشنطن؛ لإخراجه بالشكل الذي يكفل انتشالَ نتنياهو من مأزِقه الراهن، ومنحه مساحةً زمنيةً إضافية تسمح له بالعودة مجدّدًا لاستكمال فصول الجريمة، وستكشفُ الأيّام القادمة حتمًا أن الرغبةَ الترامبية والمرونة النتنية في إنجاز ما يسمى وقف إطلاق النار لم تكن سوى مُجَـرّد خُدعة لتجاوز ظروفٍ قائمة.