“القضية الفلسطينية بين خيانة الأنظمة وتضحية الشعوب: اليمن نموذجاً للموقف الأصيل”

البيضاء نت | محلي 

 

لم تكن أقسى الضربات التي تعرضت لها القضية الفلسطينية من الكيان الصهيوني أو من داعميه في الغرب بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا، بل جاءت من داخل الصف العربي والإسلامي، حيث تخلّى العديد من القادة عن ما كانوا يصفونه في المؤتمرات بـ”القضية المركزية”، واندفعوا علناً نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي، في سقوط أخلاقي وقيمي غير مسبوق.

لقد تحولت الخيانة من تآمر سري إلى انخراط مكشوف، حيث هرول بعض حكام العرب والمسلمين إلى أحضان الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية، في خطوات تطبيعية مذلّة تنازلوا فيها عن المبادئ والكرامة، وتخلوا عن الشعب الفلسطيني في أوج محنته.

لعبت أجهزة الاستخبارات الغربية، خاصة الأمريكية والبريطانية والصهيونية، دوراً كبيراً في اختراق المجتمعات العربية والإسلامية، والسيطرة على مراكز القرار فيها، حتى أصبحت بعض الأنظمة تُدار من الخارج وتُوجّه بما يخدم مصالح العدو، وهو ما يتجلى في صمتها وتخاذلها عن العدوان المستمر على قطاع غزة.

وما يزيد من مرارة الواقع، أن بعض الأنظمة لم تكتفِ بالتخاذل، بل ذهبت بعيداً في التواطؤ عبر تقديم الدعم المالي والعسكري للاحتلال، من خلال تمويل الاقتصاد الإسرائيلي وتزويد مقاتلاته بالوقود لشنّ غارات على مواقع المقاومة. هذه التصرفات لم تعد خافية على الشعوب التي باتت عاجزة عن التمييز بين العدو والصديق في ظل هذا الانحراف الرسمي الخطير.

في المقابل، تبرز الجمهورية اليمنية كاستثناء مشرّف في زمن السقوط، إذ تؤكد التزامها بقضية فلسطين عبر الدعم العملي وليس الخطابي فقط. فمن خلال عملياتها الاستراتيجية في البحر الأحمر وباستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، تمكنت من تكبيد العدو خسائر اقتصادية فادحة وشلّ بعض منافذه الحيوية.

وفي خطابه الأخير، سلّط قائد الثورة اليمنية السيد عبد الملك الحوثي الضوء على خطورة الدور الذي تلعبه بعض العواصم العربية في تمكين الاحتلال، بدءاً من تزويد طائراته بالوقود، مروراً بالتسهيلات التجارية، وصولاً إلى استقبال وفوده في إطار عمليات التطبيع المشؤومة.

ويؤكد الموقف اليمني أن دعم فلسطين خيار استراتيجي لا رجعة عنه، مهما بلغت التضحيات. ففي زمن التخلي والارتهان، تقف صنعاء بثبات إلى جانب المقاومة، لتُبقي شعلة الكرامة متقدة وسط ظلام الخذلان العربي والإسلامي.