ثورة 21 سبتمبر
البيضاء نت | مقالات
بقلم / أمة الرحيم الديلمي
إن وجدت أكثر الناس لهذه الثورة باغضين، فاعلم أنها آلمتهم وأوجعتهم مبادؤها. وإن رأيت يومًا أولئك الجمهوريين في أحضان الملكيين يحقرونها ويستصغرون من شأنها، فاعلم أنها ثورة حرة بقرار أبنائها. وإن رأيت دولًا بأكملها تنتقدها، فاعلم أن ما كان مسموحًا لهم من قبلها قد انتهى بفعلها.
فلا تستغرب ردّات الفعل هذه؛ فلكل فعلٍ ردة فعلٍ، صالحة أو طالحة. فلا تغرّك كثرتهم، ولا تخف من تجمعهم، فمنذ متى اجتمع الأعراب على خير أو على ما فيه الخير؟! إنهم لا يجتمعون إلا على كفر، ولا يسعون إلا إلى نفاق.
ثورة ٢١ سبتمبر هي ثورة تحرر واستقلال، وثورة تصحيح شامل لليمن بقرار يمني وحركة يمنية. وبفضل الله نجحت هذه الثورة وتحققت مخرجاتها. ولكن بعد الثورة والنهضة الشاملة التي أنجزتها، ماذا يترتب علينا؟ وما الذي يُناط بنا فعله؟
من المعروف أن ما هو أهم من الثورة هو الحفاظ على ثمارها ومخرجاتها، والعمل على استمرارية الأهداف والمبادئ التي قامت عليها. فيجب علينا المحافظة على الثورة ومبادئها بكل جهدنا وقوتنا، فهي الثورة الحقيقية الخالدة التي لا نهاية لها.
إن المحافظة على الثورة ونفسية الثوار هو المكسب الأهم والمرعب للأعداء؛ فكم من ثورات اندثرت لأن من قاموا بها، فور تحققها، تخلوا عمّا جاء فيها، وتزلزلت ثوابتها في نفوسهم، فكان من السهل على العدو الولوج إلى الساحة وتفخيخها بأفكاره ونسف ما صنعوه بأعماله. وهذا في حد ذاته خسارة فادحة ورهيبة، وتنكر صريح لدماء الشهداء التي قوّمت طريق الثورة.
ولكن، ماذا لو جاء العدو ووجد النفوس فولاذية، محافظة على ما جاءت به الثورة، غير متنكرة لكل كلمة قالتها أو مبدأ اتخذته أساسًا لها؟! كيف سيكون وقع هذا على العدو؟ وكيف ستتحطم آماله وتتبخر تطلعاته؟!
عندما يجد أن جميع من قاموا بالثورة، وهتفوا لها، وقدموا في سبيلها ما استطاعوا، ما زالوا اليوم على نفس ما كانوا عليه بالأمس من وعود ومبادئ ودرجة محافظة، لم يتنكروا لما قالوا ووعدوا به، ولم يتراجعوا عمّا قدموه للساحة بجعله هو الحل… أي طامّة ستحل به! وأي خيبة ستسيطر عليه! أليس هذا منجزًا عظيمًا من منجزات الثورة؟!
ما وصل إليه اليمن اليوم بفضل ثورة ٢١ سبتمبر من قوة عسكرية ونهضة في عدة مجالات، هو ما أحبط الأعداء في كل بقاع العالم. ويلزمنا، مقابل هذه الثورة العظيمة ودماء الشهداء الطاهرة التي بفضلها نجحت الثورة وأصبحت مباركة، أن نحافظ على مبادئها، وأن نعمل على استمراريتها.
وفي ذكراها، نجدد العهد والوفاء لشهدائها الأبرار الذين خلدوا بدمائهم ثورة عظيمة خالدة، ووضعوا على عاتقنا مسؤولية المحافظة عليها، وعدم التنكر لمبادئها.