عقيدة باب المندب الجديدة: الصومال كساحة اشتباك قادمة
البيضاء نت | مقالات
بقلم / عدنان عبدالله الجنيد
حين تُعاد كتابة الجغرافيا من صنعاء، لم يكن بيان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بشأن الصومال موقفًا سياسيًّا عابرًا، بل جاء كإعلان تأسيسي لعقيدة ردع إقليمية جديدة، تنقل الصراع مع كيان الاحتلال من منطق الاحتواء إلى منطق التحكم بالجغرافيا.
أولًا: اليمن ينتقلُ من “الدولة” إلى “المجال الحيوي”
انتقل اليمن إلى إدارة أمنه وفق مفهوم المجال الحيوي؛ فخليج عدن، باب المندب، والقرن الإفريقي لم تعد مساحات مراقبة، بل مساحات سيادة وردع.
أي وجود صهيوني داخل هذا النطاق يُعد اختراقًا مباشرًا يستوجب الرد؛ ممَّـا يعني أن الصومال قد دخل رسميًّا دائرة الاشتباك.
ثانيًا: مقامرةُ “أرضِ الصومال”.. الفخُّ الصهيوني المتكرّر
الاعتراف الصهيوني بما يُسمّى «أرض الصومال» يهدف لإيجاد موطئ قدم استخباراتي وتطويق اليمن من الجنوب الشرقي.
لكن الخطأ القاتل لكَيان الاحتلال هو الاعتقاد بأن الصومال ساحة رخوة؛ ألم يدركوا بعد أن الجغرافيا القريبة من اليمن هي مساحات اشتعال مؤجَّل؟
ثالثًا: التحليل العسكري.. الوجود الصهيوني كعبءٍ لا مكسب
القراءة العسكرية الباردة تكشف أن أي وجود صهيوني في الصومال سيكون:
مكشوفًا جغرافيًّا: وبعيدًا عن عمق الدعم الإسرائيلي.
تحت نيران منخفضة الكلفة: فالمسيّرات بعيدة المدى كفيلة بتحويل أي قاعدة صهيونية إلى نقطة استنزاف يومي ونزيف دائم.
رابعًا: إغلاق نوافذِ الالتفاف (طريق الهند)
التحَرُّكُ الصهيوني في الصومال هو محاولة للبحث عن بدائل للبحر الأحمر (مثل طريق الهند).
لكن العقيدة اليمنية الجديدة لا تدير معركة ممر، بل معركة منظومة كاملة.
الرسالة واضحة: لا التفاف بحري، ولا شاطئ بديل، ولا ممر آمن خارج معادلة الردع اليمني.
خامسًا: الرهان على الشعوب الإفريقية
الوجود الصهيوني في القرن الإفريقي سيُنظر إليه شعبيًّا بوصفه امتدادًا للاستعمار الغربي؛ ممَّـا يجعله تموضعًا هشًا أمنيًّا ومرفوضًا سياسيًّا، ويمنح الموقف اليمني عمقًا أخلاقيًّا يتجاوز الحسابات العسكرية.
سادسًا: خارطةُ الاشتباك من باب المندب إلى مقديشو
كَيان الاحتلال يسعى لتطويق اليمن، واليمن يبني “كماشة بحرية” تُغلق المنافذ.
كَيان الاحتلال يفكر في قواعد استخباراتية، واليمن يُجهز نطاق تغطية مسيّرات يشمل القرن الإفريقي بالكامل.
نحن هنا لا نتحدث عن سيناريوهات، بل عن منطق ردع جاهز للتفعيل.
الخلاصة: المستقبل لا يرحم من لا يتعلّم.
كلفة الوجود الصهيوني في القرن الإفريقي ستكون أغلى بكثير من كلفة الانسحاب.
كَيان الاحتلال أخطأ في البحر الأحمر، وتكرّر الخطأ في الصومال، وفي الاستراتيجيات الكبرى، الخطأ المتكرّر يُعاقَب بالهزيمة الحتمية.