قراءة في بيان حرس الثورة الإسلامية بعد استهداف قاعدة “العديد” الأميركية في قطر
البيضاء نت | مقالات
بقلم / كيان الأسدي
أصدر حرس الثورة الإسلامية بيانًا حمل دلالات عسكرية، سياسية، ودينية بالغة العمق، عقب استهدافه لقاعدة “العديد” الأميركية في قطر بستة صواريخ، في خطوة وُصفت بأنها إعلان دخول معادلة ردع جديدة ومتصاعدة مع الولايات المتحدة في المنطقة.
1. التوازن العددي… سياسة “العين بالعين”
البيان لم يترك مجالًا للتأويل، بل أوضح أن عدد الصواريخ الستة يعادل تمامًا عدد الضربات الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية السلمية، في رسالة واضحة تتبنّى سياسة الرد المكافئ — “العين بالعين، والسن بالسن”.هذه المقاربة لا تؤسس فقط لمعادلة ردع، بل تُعلن أن طهران تجاوزت مرحلة الرد الرمزي، لتدخل في تثبيت ميزان ردع ميداني واضح ومباشر، يُظهر استعدادها للمواجهة المفتوحة إن لزم الأمر.
2. كربلاء الحاضر… والرمزية الحسينية
البيان استحضر بُعدًا روحيًا عميقًا، إذ ربط الضربة بقُدسية الإمام الحسين (عليه السلام)، في إشارةٍ رمزية إلى روح كربلاء التي تنبعث مع اقتراب شهر محرّم.
وهذا الاستحضار ليس مجرّد بعد شعائري، بل رسالة ذات شقّين:
• داخليًا: لتعزيز الزخم الشعبي والاستعداد للاستمرار مهما كلّف الطريق من تضحيات.
• خارجيًا: لتأكيد أن المواجهة من منظور إيراني ليست صراع مصالح فحسب، بل صراع هوية وموقف وجودي بين الحق والباطل.
3. التحذير من التصعيد… ومرحلة ما بعد القواعد
لم يكتفِ الحرس الثوري بوصف الضربة، بل وجّه تحذيرًا صريحًا للولايات المتحدة:
أي ردٍّ إضافي سيقابله تصعيد نوعي، قد يصل إلى حدّ الانسحاب الأميركي الكامل والمذل من المنطقة، وانهيار البنية العسكرية الأميركية في غرب آسيا.بعبارة أخرى، فإن ضربة “العديد” قد تكون البداية فقط، وما بعدها سيكون تصعيدًا واسعًا يشمل كافة المصالح الأميركية في الإقليم.
4. إسرائيل… الغدة السرطانية والوجهة المحتملة
البيان كرّر وصف الكيان الصهيوني بـ”الغدة السرطانية”، وأكّد أن مشروع إزالة “إسرائيل” من الوجود لم يعد مجرد شعار، بل مسار عملي يتسارع، مستفيدًا من كل مواجهة تُفتح في وجه واشنطن وحلفائها.الرسالة هنا واضحة ومباشرة: إذا استمرت الولايات المتحدة في التصعيد، فقد يكون الرد التالي موجّهًا نحو كل المصالح و”البنت المدلّلة” “إسرائيل” ستكون امام حتمية زوالها والنتائج ستكون خارج السيطرة.
خلاصة: من تكتيك الردّ إلى استراتيجية التحرير
ما صدر عن الحرس الثوري ليس مجرد بيان تبنٍّ لعملية، بل وثيقة إنذار استراتيجي. إيران لم تعد تتحرك كردّة فعل، بل باتت تُمسك زمام المبادرة، وتُعيد رسم قواعد الاشتباك في الإقليم.من كربلاء المعنوية، إلى مضيق هرمز، فتل أبيب، وقاعدة العديد – الجغرافيا باتت مفتوحة، والرسالة حاسمة:
من يشعل النار، عليه أن يستعدّ لاحتراقه بها.
*كاتب عراقي
*المقال يعبر عن رأي الكاتب