“طحين الموت”.. مخدرات قاتلة في مساعدات غزة
البيضاء نت | تقارير
في واقعة أثارت صدمة واسعة ومخاوف متصاعدة، حذّر خبراء وأطباء في غزة من خطورة وجود أقراص مخدرة قاتلة تم العثور عليها داخل أكياس دقيق مقدّمة ضمن المساعدات الإنسانية في القطاع، وسط ظروف المجاعة والحصار المستمر.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أعلن، مساء الجمعة 27 يونيو/حزيران 2025، العثور على حبوب “الأوكسيكودون” – وهي مادة أفيونية شديدة التأثير تُستخدم طبياً تحت رقابة مشددة – داخل أكياس الطحين، واصفًا الحبوب بـ”المخدر القاتل” والمراكز التي قدمت المساعدات بـ”مصائد الموت”.
وبحسب البيان، تم توثيق أربع حالات تم العثور فيها على الأقراص المخدرة داخل الدقيق، وسط ترجيحات بأن بعضها قد تم طحنه أو إذابته في المادة الغذائية ذاتها، ما يشكل تهديداً مباشراً للصحة العامة ويثير الشكوك حول نوايا توزيع تلك المساعدات.
تحذيرات طبية ونفسية:
قال الدكتور عمر بدر، أخصائي الصيدلة السريرية، إن “الأوكسيكودون” مادة مخدرة شديدة الخطورة، تؤدي إلى الهلوسة والعدوانية، بل قد تفضي إلى الوفاة نتيجة فشل الجهاز التنفسي عند تناولها بجرعات زائدة. وشدّد على ضرورة مراقبة الأشخاص الذين استهلكوا الدقيق مؤخرًا، لرصد أي أعراض غير طبيعية قد تدل على التسمم.
من جهته، أشار استشاري الصحة النفسية الدكتور أحمد عليان عيد، إلى أن الجرعات المتكررة من هذه المادة تؤدي إلى الإدمان الحاد وتدمير خلايا الدماغ، محذرًا من أن التناول العشوائي قد يُفضي إلى الاكتئاب الحاد أو الانتحار. كما أبدى مخاوف من أن تكون عملية تهريب الأقراص عبر الدقيق مخططاً متعمداً لضرب النسيج المجتمعي الفلسطيني.
مخاطر تغذوية في ظل المجاعة:
بدورها، أوضحت خبيرة التغذية أنسام الجريري أن خطورة هذه المادة تتضاعف وسط المجاعة ونقص المعادن، مما يهدد بتلف أعضاء الجسم الحيوية مثل الكبد والأمعاء، ويؤدي إلى تفاقم سوء الامتصاص الغذائي والضعف العام.
كما نبّهت إلى أن وصول هذه المادة للحوامل والأطفال في ظل نقص الغذاء قد يؤدي إلى تشوهات جنينية وتأخر في النمو ونقص في العناصر الأساسية كالفولات والحديد.
دعوات لتحقيق دولي ومخاوف من تسييس المساعدات:
طالب المكتب الإعلامي الجهات الدولية والحقوقية بفتح تحقيق عاجل في كيفية دخول هذه الأقراص إلى غزة عبر قنوات يفترض أنها إنسانية، محذرًا من تحول المساعدات إلى أداة تخريبية تهدد حياة السكان وتضرب البنية المجتمعية في غزة.
وبحسب المعلومات، تعمل ثلاث مراكز للمساعدات تحت إشراف أمريكي وإسرائيلي في كل من:
-
الحي السعودي برفح
-
مركز موراج برفح
-
نقطة نتساريم وسط القطاع
وتشهد هذه المراكز إقبالاً كثيفاً من المواطنين في ظل الجوع الشديد ونقص المواد الأساسية، ما يفاقم خطورة انتشار الدقيق الملوّث بالأقراص المخدرة.
كارثة صحية تتفاقم:
وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، يدخل يومياً نحو 112 طفلاً مستشفيات القطاع بسبب سوء التغذية. كما أعلنت حكومة غزة وفاة 66 طفلاً منذ 7 أكتوبر 2023 بسبب المجاعة، متهمةً إسرائيل بارتكاب جريمة تجويع ممنهجة عبر إغلاق المعابر ومنع دخول الحليب والمواد الغذائية.
حصار قاتل ومعاناة مستمرة:
يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض حصار خانق على القطاع منذ مارس 2025، ولا يسمح إلا بدخول عدد محدود من الشاحنات، في حين تؤكد الأمم المتحدة حاجة غزة إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات.
ومنذ بدء العدوان في أكتوبر 2023، أسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، في كارثة إنسانية غير مسبوقة تتفاقم يومًا بعد آخر.