ثلاثة عقود من الفشل: كيف حول حكم علي عبد الله صالح اليمن إلى اقتصاد هش وفقر متجذر؟

البيضاء نت | تقرير 

 

على مدار أكثر من ثلاثة عقود، فشل حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في إدارة موارد اليمن بشكل فعّال، مما حوّل الدولة، التي تُعدّ واحدة من أفقر دول المنطقة، إلى اقتصاد هش يعتمد بشكل شبه كامل على النفط، مع ارتفاع مستمر لمعدلات الفقر والبطالة واعتماد كامل على المساعدات الخارجية.

اقتصاد على ساق واحدة

اعتمدت الحكومات المتعاقبة خلال حكم صالح على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، حيث شكّل حوالي 90% من الصادرات وثلاثة أرباع الإيرادات العامة للدولة. هذا الاعتماد المفرط جعل الاقتصاد اليمني عرضة لأي تذبذب في أسعار النفط أو أي توقف في الإنتاج، وهو ما انعكس مباشرة على الرواتب والدعم والخدمات الأساسية. وفي الوقت نفسه، استمرت شبكات النهب وتقاسم الثروة بين النخب الحاكمة، مما أضعف أي فرصة لتنمية قاعدة إنتاجية أو ضريبية مستدامة.

فقر متجذر وبطالة مرتفعة

تشير تقارير البنك الدولي إلى أنّ نسبة الفقر بلغت نحو 35% عام 2005/2006، رغم العائدات النفطية الكبيرة. كما استمرت معدلات البطالة في المدن بالارتفاع، في ظل أزمات الغذاء والوقود بين 2007 و2009. وأظهرت تلك الفترة هشاشة شبكات الحماية الاجتماعية الحكومية، التي فشلت في التخفيف من الصدمات الاقتصادية والمعيشية على السكان.

فساد يلتهم الموارد

سجّلت اليمن مراكز متأخرة في مؤشرات الفساد الدولية، مع توسع شبكات المحسوبية وهروب رؤوس الأموال إلى الخارج. بدل توجيه عائدات النفط للاستثمار في مشاريع منتجة أو بنية تحتية، ذهبت معظم الإيرادات نحو نفقات عاجلة ورواتب سياسية تدعم الولاءات، على حساب التنمية الاقتصادية الحقيقية.

ارتهان دائم للمساعدات

في مؤتمر لندن للمانحين عام 2006، حصلت اليمن على تعهدات مالية تجاوزت أربعة مليارات دولار، إلا أنّ ضعف الإدارة والحوكمة حال دون الاستفادة الكاملة من هذه الأموال. واعتمدت الحكومة على المساعدات والمنح الخارجية لسد العجز المالي بدلاً من إصلاح النظام الضريبي ومكافحة الفساد.

أين ذهبت الأموال؟

بدلاً من الاستثمار في الزراعة والصناعة والتعليم والصحة، اتجه الإنفاق العام نحو بنود استهلاكية عاجلة تحافظ على ولاء الشبكات السياسية، لكنها لا توفر فرص عمل ولا تحرك عجلة الاقتصاد. ومع تراجع الإيرادات، توسعت فجوة العجز المالي، وارتفع الدين العام، ما جعل اليمن أكثر اعتمادًا على القروض والمساعدات الخارجية.

النتيجة: اقتصاد هش ومجتمع مثقل بالأزمات

مع نهاية حكم صالح عام 2012، دخل اليمن مرحلة حرجة من الفقر والبطالة والارتهان الخارجي، وهي الأزمة التي تكشفت لاحقًا مع انخفاض إيرادات النفط، ما أدى إلى توقف الرواتب وتدهور الخدمات، وتحمل الفئات الأضعف ثمنًا باهظًا للسياسات الاقتصادية الفاشلة.