أسطول الصمود العالمي يبحر قريبًا… بين رهانات التضامن ومخاطر الاعتراض الإسرائيلي
البيضاء نت | تقرير
في لحظة يتصاعد فيها الغضب الشعبي العالمي جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، يستعد أسطول الصمود العالمي للإبحار خلال الأيام القليلة المقبلة، في محاولة جديدة لكسر الحصار البحري المستمر منذ أكثر من 17 عامًا. التحرك يوصف بأنه الأوسع من نوعه منذ “أسطول الحرية” عام 2010، ويعيد إلى الواجهة سؤالًا ملحًا: هل ينجح العالم هذه المرة في فرض ممر إنساني إلى غزة؟
تحضيرات نهائية
قال عضو الهيئة المغاربية لقافلة الصمود، مروان بن قطاية، في تصريح لوكالة “شهاب” الفلسطينية، إن التحضيرات دخلت “مرحلتها الأخيرة”، موضحًا أن المجموعة الأوروبية أبحرت من ميناء برشلونة الإسباني، فيما تستكمل الترتيبات في تونس والجزائر لإطلاق سفن إضافية، قبل أن تلتقي جميعها في البحر المتوسط.
وأضاف أن الأسطول “رسالة إنسانية بحتة، لا تستهدف أي دولة أو طرف بعينه سوى الاحتلال الصهيوني، المسؤول عن معاناة أكثر من مليوني إنسان محاصرين في غزة”.
أربع مبادرات دولية تحت مظلة واحدة
يضم الأسطول الجديد أربع مبادرات كبرى، هي:
-
أسطول الصمود المغاربي بمشاركة ناشطين من المغرب العربي.
-
أسطول الحرية، الذي يمتلك خبرة وتجارب سابقة في تنظيم رحلات بحرية لكسر الحصار.
-
مبادرة منبثقة عن المسيرة العالمية نحو غزة.
-
مبادرة صمود نُسَنتَرة القادمة من شرق آسيا.
ويؤكد المنظمون أن هذا التنوع الجغرافي يعكس تضامنًا عالميًا عابرًا للقارات، يربط أوروبا بالعالم العربي وآسيا في جبهة إنسانية واحدة.
خلفية: “مافي مرمرة” حاضر في الذاكرة
لا تزال حادثة “مافي مرمرة” عام 2010 ماثلة في الأذهان، حين اقتحمت قوات الاحتلال سفينة تركية كانت تقل مئات المتضامنين، ما أدى إلى استشهاد عشرة ناشطين أتراك وإصابة العشرات.
ومنذ ذلك الحين، شهدت محاولات عدة لإرسال سفن مساعدات إلى غزة، لكن معظمها تعرض للمنع أو الاعتراض في عرض البحر، ما جعل كل مبادرة جديدة محاطة بتساؤلات حول جدوى الخطوة ومصيرها.
الموقف الإسرائيلي المتوقع
يرى محللون أن إسرائيل لن تسمح بسهولة بوصول الأسطول إلى غزة، بحجة “الأمن البحري” ومنع إدخال مواد قد تصفها بـ”ذات استخدام مزدوج”.
لكنهم يشيرون إلى أن الحساسية السياسية أكبر هذه المرة، إذ أن أي اعتداء جديد على قافلة مدنية يشارك فيها ناشطون من عشرات الجنسيات قد يجرّ تل أبيب إلى مواجهة دبلوماسية دولية واسعة.
القانون الدولي والخيارات المطروحة
بحسب خبراء في القانون الدولي، فإن اعتراض سفن مدنية في المياه الدولية يعد خرقًا واضحًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
ويؤكد المحامي الدولي الفرنسي فرنسوا دوبريه أن “لإسرائيل الحق في حماية حدودها، لكنها لا تملك أي شرعية لفرض حصار شامل على غزة أو اعتراض سفن المساعدات الإنسانية، خاصة إذا كانت الرحلة معلنة وذات طابع مدني”.
ويضيف أن “المجتمع الدولي ملزم قانونيًا بتأمين وصول هذه المساعدات، وإلا فإنه شريك في استمرار الجريمة”.
أصوات منظمات إنسانية
المنظمات الحقوقية الدولية تتابع باهتمام التحرك المرتقب. فقد قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن “الحصار المفروض على غزة يمثل عقابًا جماعيًا محظورًا بموجب القانون الدولي”، داعيةً الحكومات الأوروبية إلى “عدم التواطؤ عبر الصمت، بل الضغط لحماية الأسطول وضمان وصوله”.
أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فاكتفت بالتذكير بأن “حرية مرور المساعدات الإنسانية يجب أن تحترم في كل الأوقات”.
بين الأمل والمخاطر
الفلسطينيون في غزة ينظرون إلى هذه المبادرة على أنها شعاع أمل في وسط واقع مأساوي، حيث يواجه أكثر من مليوني إنسان شبح المجاعة ونقص الأدوية وانهيار المنظومة الصحية.
لكن في المقابل، يبقى شبح الاعتراض الإسرائيلي حاضرًا، ما يثير تساؤلات: هل ستتكرر مأساة “مافي مرمرة”؟ أم أن هذه المرة ستفرض الإرادة الدولية واقعًا جديدًا يفتح البحر أمام غزة؟
خاتمة
بين رهانات التضامن ومخاطر الاعتراض، يمضي أسطول الصمود العالمي في تحركه. وحتى قبل أن يبحر، نجح في إعادة قضية غزة إلى صدارة الرأي العام العالمي، مذكرًا بأن الحصار جريمة مستمرة، وأن الضمير الإنساني لا يزال قادرًا على المقاومة ولو من البحر.