تضحياتُ اليمن طريقٌ إلى النصر
البيضاء نت | مقالات
بقلم / بشير ربيع الصانع
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَـمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْـمُؤْمِنِينَ}.
في سماءِ صنعاء، ارتفعت أرواحُ الشهداء كمنائرَ للحق، تشع نور العزة والكرامة، وتعلّم الأجيال أن الضمير الحي لا يموت، وأن القلوب النقية تبقى نابضة حتى بعد الرحيل.
أبطالُ هذه الأُمَّــة رفعوا راية الجهاد والإحسان، وسطَّروا بأرواحهم فصلًا جديدًا في تاريخ المقاومة، فصلًا يندى له جبين كُـلّ متخاذل، ويهدي كُـلّ مؤمن الصبر والإيمان، ويذوب أمامه كُـلّ خوف أَو ضعف أَو تردّد.
أيُّ عارٍ على من صمتوا أمام غزة، أيُّ خزي على من مدّوا أيديهم للعدو! بينما تتسابق بعض الحكومات لنيل رضا الكيان المحتلّ، يكتب اليمن صفحة المجد، حكومة بأكملها أهدت أرواحها لله وفي سبيله، فاستحقت أعلى مراتب الشرف والخلود.
أولُ حكومة عربية، رئيسُ وزراؤها ووزراؤها شهداءُ في سبيل الله، في خندق الدفاع عن فلسطين، مواجهةً الكيان السرطاني المؤقت، واقفين في وجه الغطرسة والطغيان، لا يلينون، ولا يتراجعون، ولا يخشون في الله لومة لائم.
اليوم، تثبت اليمنُ للعالم كله أن أُمَّـةً لا تُقهر، وأن الأجيال لا تنكسر، وأن المسيرة المباركة لا تهزم.
كُـلّ قطرة دمٍ سالت في سبيل الله، كُـلّ روح ارتقت دفاعًا عن المستضعفين، لم تكن مُجَـرّد خسارة، بل كانت بذرة أمل، وغرسًا لرجل أقوى إيمانًا، أشد بأسًا، أعمق وعيًا، وأرفع شأنًا.
فكل شهيد رفع راية الإيمان، وكل جريح صنع مسارًا للنصر، وكل تضحيات الشعب ألهبت قلوب الأعداء وأثبتت أن الحقيقة ستظل ثابتة، مهما طال الظلم، ومهما طالت المؤامرات.
بهذا الإيمان واليقين، نعلن للعدو أن كُـلّ رهاناته باطلة، وأن كُـلّ خطوة يخطوها لكسر إرادتنا تتحول إلى هزيمة مدمّـرة تعود عليه بالخزي والعار.
نحن نمضي بثقة لا تتزعزع، بعزيمة لا تلين، وإرادَة لا تُقهر، نردّدها بقلوبنا وأرواحنا: لن نتوقف، لن نضعف، لن نستكين، ولن نتراجع عن نصرة إخواننا في فلسطين وغزة، حتى يأذن الله بنصره المبين.
{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}.
{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
فكيدوا كيدَكم، واسعوا سعْيَكم، وابذلوا جهدَكم، فو الله لن تمحو ذكْرنا، ولن تميت وحينا، ولن ينجو منكم عارها.
كُـلّ محاولة للنيل من عزيمتنا لن تُفلح، وكل خطوة للعدو ستتحطم أمام صلابة إرادتنا، وعمق إيماننا، وثباتنا على الحق.
اليمن اليوم، بشهدائها، بحكومتها، بشعبها، وبكل قطرة دم تسيل في سبيل الله، تُثبت أن الحق سيبقى قائمًا، وأن العدل سينتصر، وأن الأُمَّــة الصادقة لا تُهزم، مهما طال الظلم، ومهما كثرت المؤامرات، ومهما حاول الأعداء تشويه الحقائق.
هذه المسيرة المباركة، هذه التضحيات الجسيمة، هذه العزائم التي لا تنكسر، كلها تعيد للأُمَّـة هيبتها وكرامتها، وتؤكّـد أن النصر محتوم بإذن الله، وأن الإرادَة الحرة ستظل سيدة الموقف، وأن الصمود والثبات هما الطريق الوحيد إلى النصر الأبدي.