وداعًا أبا هاشم الغماري قائد شهداء ملحمة الفتح الموعود
البيضاء نت | مقالات
بقلم / عبد الإله عبد القادر الجنيد
الحمد لله الذي اختص خاصة أولياءه الأصفياء فاتخذهم شهداء، وأكرمهم بوسامه الأعلى، ورفعهم بمنه وكرمه من الحياة الدنيا إلى الحياة العليا. فقد عصمهم من ميتة البؤساء، فارتقوا إلى جوار مليكهم، فوهبهم الحياة الخالدة بلا انقضاء، ونعيمٍ أبدي في جنة المأوى مع النبيين والشهداء والصديقين، فلهم رزقهم بلا انتهاء، فلنعم العاقبة ولنعم الجزاء.
أولئك الذين لبَّوا النداء، باعوا لله جماجمهم وأنفسهم وأموالهم، فربحوا البيع وفازوا بجنة عرضها السموات والأرض، أعدت لمن جاهد في سبيل الله بعزم وعزة وإباء، وأنفق في سبيل الله في السراء والضراء، وقاتل أعداء الله ورسوله وأوليائه، فكان على يديه مصارع الأشقياء. إنهم أولئك الذين أعز الله بهم جنده والمستضعفين في أرضه وغزة هاشم والأقصى مسرى خاتم الأنبياء.
فظل لعامين كاملين من خوض أشرف وأقدس معركة في مواجهة مباشرة مع الصهيوني الغاصب ألدِّ الأعداء. فلما آن أوان رحيله إلى العلياء قضى نحبه وارتقى إلى جنان الله شهيدًا كريمًا عظيمًا، ليلقى ربه ويحيا بقربه، وتلك أمنية طالما سأل الله أن يكرمه بها، فتقبل الله منه الرجاء واستجاب له الدعاء. هنالك سلِّم الراية بكل شموخ وكبرياء لقائد جسور وعظيم من المجاهدين العظماء.
ذلك هو سيدي الشهيد القائد محمد بن عبد الكريم الغماري المشهور بأبي هاشم، الذي أوكل إليه السيد المولى عبد الملك بن بدر الدين الحوثي قائد الثورة وعلم الهدى -حفظه الله وأعز به الإسلام والمسلمين- مهمة رئاسة أركان القوات المسلحة اليمنية، فسطَّر الملاحم، وخاض غمار معركة إسناد غزة، فكان سيف الله الصارم.
فنال أعداء الله بالرد المزلزل الساحق القاصم، وأمطر مغتصبات الكيان اليهودي الغاصب بالضربات الحيدرية المنكلة بالعدو الصهيوني الغاشم.
وفي عهده المبارك شهدت القوات المسلحة اليمنية نقلة نوعية وبناء شامل، فكان له الفضل في إنتاج وتطوير الصناعات العسكرية المختلفة، سواء البرية أو البحرية أو الجوية ولم يحل دون ذلك أي حائل.
فأضحى أول قائد عسكري ورئيس أركان جيش عربي وإسلامي يقصف عمق كيان العدو بالصواريخ والطيران المسير ويطبق على العدو حصارًا بحريًا، ويلقن جيوشًا وأساطيل، حتى أسقط هيبة حاملات الطائرات وطائرات الشبح و(B-52) و(B-2)، ويرغم القوة العظمى (الأمريكية) على وقف عدوانها وانسحابها خائبة ذليلة تستجدي يمن الحكمة والإيمان وقف عملياتها البحرية على أساطيلها والحل العاجل.
وغدا الطيران المسير يستهدف أهدافًا حيوية وحساسة في عمق الكيان الزائل، ومثلها الصواريخ البالستية والفرط صوتية التي لطالما أرعبت المحتل، وفر منها خائفًا مذعورًا يحتمي بالملاجئ، فضلًا عن الصواريخ البالستية التي نالت من بوارج وحاملات الطائرات الأمريكية في البحار بكل دقة، أدهشت العالم وأبهتت العدو المتغطرس في البحار والمحيطات، فحيرت العسكريين وأذهلت ذوي الفهوم والعقول والخبراء.
ولعل المفاجأة الكبرى لأعداء الأمة والغرب الكافر التطوير المتسارع للدفاعات الجوية، ودورها الفعال في الحيلولة دون القصف الهستيري الصهيوني الذي كان مخططًا له لتدمير البنى التحتية والمنشآت المدنية، وقتل المواطنين الأبرياء، وقصف المستشفيات والمؤسسات المختلفة والأحياء السكنية والمنازل.
ناهيك عن التأهيل والتدريب والإعداد للجيش اليمني والأباة البواسل ومئات الآلاف من أبناء الشعب الكرام، استعدادًا للزحف البري لتحرير الأقصى ومقدسات الأمة، وتطوير وتحديث الأسلحة المتواصل. السلام عليك يا أبا هاشم القائد المجاهد الجسور، المؤمن الصادق الصابر الغيور، والليث الكاسر والحاضر دومًا في مقدمة الصفوف في كل الجبهات والثغور.
السلام عليك في الشهداء يوم سطرت المجد وكتبت النصر بالدماء، وغدوت بفضل الله نجمًا يمانيًا محمديًا علويًا حسنيًا يتلألأ في السماء.
السلام عليك يوم ولدت ويوم جاهدت في الله حق الجهاد، ويوم تبعث حيًا، ويوم ارتقيت إلى علياء الله شهيدًا على نهج القرآن ومسيرة الأعلام، فحطمت الأصنام ونصرت كلمة الله والإسلام، وأثبت للعالم أجمع أن الإسلام دين الله الحق لا يقبل الانهزام، وأن شعب الحكمة والإيمان شعب لا يضام ولا يكل ولا يمل عن إسناد ومناصرة المقاومين الكرام ولا يعرف التراجع والاستسلام.
وعهدًا بأننا سنمضي على دربك بكل ثبات، وفي سبيل الله تهون التضحيات، حتى نثأر لدمائك الزكية الطاهرة من قاتليك المحتلين الغزاة والمتجبرين الطغاة.
ولله عاقبة الأمور.
*والحمد لله رب العالمين.*