الإيمان بين الموقف والامتحان: أين يقف العربُ من غزةَ ولبنان واليمن؟
البيضاء نت | مقالات
بقلم / شاهر أحمد عمير
لم يعد الإيمانُ في زمن الفتن والعدوان مُجَـرّد كلمات تُتلى أَو شعارات تُرفع، بل أصبح معيارًا عمليًّا يُقاس به صدق الإنسان وصلابة مواقفه.. وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الأُمَّــة، يتجلى بوضوح من هو المؤمن الحق ومن هو صاحب الادِّعاءات الزائفة؛ إذ صارت المواقف من غزة ولبنان واليمن ميزانًا حقيقيًّا يكشف الانتماء إلى الحق أَو الباطل، ويحدّد بوضوح الموقف من اليهود والصهاينة والكيان الإسرائيلي والأمريكي المحتلّ.
حتمًا قوله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ يضع القاعدةَ التي تُبنى عليها كُـلُّ هذه المواقف، ويؤكّـد أن نصرةَ المظلومين هي جزء من صميم الإيمان.
فغزة اليوم تتصدّر جبهة الامتحان، حَيثُ تُقصف البيوت وتُرتكب المجازر أمام العالم كله، بينما يصمد أهلها بصبر وإيمان وإرادَة لا تنكسر.
وفي لبنان، يقفُ رجال المقاومة بصلابة الحُرِّ، يحمون حدود الأُمَّــة وكرامتها.
أما اليمن، فقد تحوّل خلال السنوات الماضية إلى واحد من أهم أعمدة المواجهة مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي السعوديّ الإماراتي، وأصبح بموقفه ووعيه جزءًا أصيلًا من محور يحمي الأُمَّــة من السقوط في مستنقع الهيمنة والتطبيع والخضوع.
وبقيادة عَلَمِ الهُدى السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- أثبت اليمن أن الإيمان ليس شعائرَ صامتة، بل موقفٌ عملي ونصرة حقيقية للمظلوم، وأن الوقوفَ مع غزة ومع المقاومة اللبنانية ليس خيارًا سياسيًّا، بل واجبٌ ديني وأخلاقي واستراتيجي.
فرسم القائد معالمَ الهُوية الإيمانية للأُمَّـة، وربط بين السجود في المحراب وبين الوقوف في وجه الطغيان الأمريكي الإسرائيلي، مؤكّـدًا أن الإيمان الحقيقي يُقاس بالموقف لا بالكلام.
ولأن هذا الموقف الثابت لليمن أربك مشاريعَ الهيمنة والسيطرة، تحاول اليوم الولاياتُ المتحدة والسعوديّة والإمارات إعادةَ تشكيل تحالف عسكري جديد في البحر الأحمر، تحالف هدفه الظاهر “حماية الملاحة”، أما هدفه الحقيقي فهو حمايةُ السفن الإسرائيلية وتأمين مرورها من البحر الأحمر إلى الكيان الغاصب، وخلق مِظلة عسكرية تُشنّ من خلالها حرب جديدة على الشعب اليمني لإجباره على التراجع عن دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
إنهم يريدون منعَ اليمن من أن يكونَ جزءًا من معادلة الردع إذَا اسْتُؤنِفَ العدوان الإسرائيلي على غزة أَو على لبنان، ويريدون فرضَ واقع عسكري يخدم المصالح الإسرائيلية أولًا وأخيرًا.
ولكن هذه المؤامرات، مهما بدت كبيرة، لن تستطيعَ ثني اليمن ولا كسر إرادَة شعبه؛ لأن الشعب الذي قدّم آلافَ الشهداء في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي لن يتراجع عن مواقفه في لحظة كهذه.
لقد تجاوز اليمن مرحلة التضامن المعنوي إلى الفعل العسكري المباشر؛ فأصبح عنصرًا أَسَاسيًّا في حسابات الردع الإقليمي، وأحد أهم المؤثرين في موازين القوى في البحر الأحمر، مؤكّـدًا ما جاء في كتاب الله: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: 75]؛ فالوقوف مع المظلومين واجب على كُـلّ مؤمن.
وفي هذا السياق، تتساقط الأقنعة عن وجوه كثيرة، ويتضح الفرق بين المؤمن الحقيقي وصاحب الادِّعاء.
فالمؤمن لا يقف على الحياد بينما تُذبح غزة، ولا يساوي بين الجلاد والضحية، ولا يغطي على خيانة المطبعين أَو على التحالفات التي تُبنى لحماية كَيان الاحتلال الإسرائيلي.
أما الذين صمتوا أَو اصطفوا مع الموقف الأمريكي والإسرائيلي فهم يعلنون سقوطهم الأخلاقي والإيماني مهما زيّنوا كلامهم بالشعارات.
إن المعركة اليوم ليست معركة بنادق فقط، بل معركة وعي وهوية وكرامة.
والوقوف مع غزة ولبنان واليمن ليس مُجَـرّد تعاطف، بل هو معيار يقيس حقيقة الإنسان ويضعه في خانة الحق أَو الباطل.
فالتاريخ سيكتب من وقف مع الاحتلال ومن وقف مع المقاومة، من باع قضيته ومن حافظ على شرف أمته.
وفي خضم هذه العواصف، يبرُزُ السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، صوتًا للحق والبصيرة والوعي، يعيد توجيه بُوصلة الأُمَّــة نحو قضيتها المركزية ويؤكّـد أن الإيمان موقف، والموقف امتحان، والامتحان لا ينجح فيه إلا الذين عرفوا طريقهم إلى غزة، وإلى لبنان، وإلى اليمن، وإلى كُـلّ ساحة تُقاتل؛ مِن أجلِ الله والإنسان والكرامة.