القحطاني يصرخ في وجه الاحتلال ويفضح سقوطه الأخلاقي

البيضاء نت | طارق الحمامي 

أمجد خالد القحطاني أحد القيادات العسكرية البارزة في عدن خلال سنوات العدوان على اليمن ، إذ تولّى مهام قيادية في بعض التشكيلات المرتبطة بالمؤسسات العسكرية في المدينة، قبل أن يدخل في صراع مفتوح مع القوى المحلية التابعة للإحتلال السعودي الاماراتي، وعلى الرغم من تباين المواقف تجاهه بين مؤيد ومتحفّظ، فإن حضوره المتقدم داخل المشهد العدني، وصلاته الاجتماعية الواسعة، جعلت منه شخصية ذات وزن مؤثر في محيطها الجنوبي.

وفي الأيام الأخيرة، تصدّر القحطاني واجهة الأحداث بعد إعلانه العودة إلى صفّ الوطن، موجّهاً انتقادات غير مسبوقة للسقوط الأخلاقي لتحالف العدوان المحتل وأدواته، وقد أحدثت خطوته صدى واسعاً، بالنظر إلى خلفيته العسكرية، ومكانته داخل عدن، ما اعتبره مراقبون ضربة معنوية كبيرة لتحالف الاحتلال، ورسالة تعبّر عن تحولات أعمق داخل الجنوب تجاه وجود الاحتلال السعودي _ الإماراتي وسياساته.

 

 عدن والجنوب واقع سياسي وأمني تحت الوصاية والاحتلال

منذ سنوات، يعيش جنوب اليمن تحت الاحتلال، حيث تتوزّع السيطرة بين القوات السعودية والإماراتية والفصائل المحلية التابعة لهما، هذا الواقع انعكس على الحياة اليومية، من تفكك مؤسسي واضح وفوضى وغياب شبه كامل للدولة، وسجون سرية وإدارات أمنية متعددة الولاءات، وتدهور اقتصادي وانهيار العملة وتدهور الوضع المعيشي بشكل خانق،  وارتفاع غير مسبوق في الجريمة والانفلات الأمني، تشكيلات مسلحة متعددة الولاءات كقوات الحزام الأمني والانتقالي، وتواجد سعودي مباشر في المنشآت الاستراتيجية والموانئ.

وتحولت عدن، العاصمة المؤقتة لحكومة مرتزقة الاحتلال، إلى مسرح للصراع بين أدوات مختلفة، بينما يبقى المواطن الجنوبي هو الخاسر الأول في هذه المعادلة.

 

صنعاء  .. رسائل دعم للمكونات الجنوبية الرافضة للهيمنة

على مدى السنوات الماضية، حرصت صنعاء على إرسال إشارات دعم لكل تحركات أبناء الجنوب الرافضين للاحتلال والوصاية الخارجية، وتقول قيادات سياسية في صنعاء إن موقفها مبدأي ضد أي عدوان خارجي واحتلال يستبيح سيادة الوطن وأمنه واستقراره، وهي فرصة ينظر اليها أبناء الجنوب على أنها مبادرة مشجعة لكسر حاجز الخوف والتصدي لمشاريع الهيمنة والاحتلال ، وتأتي خطوة أمجد خالد القحطاني، في سياق هذا التحول، باعتبارها مؤشرًا مهمًا على أن هناك مزاجاً جنوبياً يتغيّر تجاه تصرفات الاستباحة التي تقوم بها أدوات الاحتلال من المليشيات التي انتهكت كل الحرمات، وسلمت البلد للفوضى والارتهان للوصاية.

 

مظلومية أمجد خالد .. صرخة ضد الاحتلال وأدواته

يؤكد القحطاني في ظهوره الأخير أنّ استهدافه لم يكن سياسياً فقط، بل امتد إلى انتهاك حياته الشخصية وأسرته، وقد اتّهم أدوات الاحتلال السعودي _ الإماراتي باستخدام، الأعراض وخصوصياته الأسرية، وما كشف عنه مؤخراً شكل صدمة لكثيرين، إذ تحدث عن استهداف عائلي وشخصي من قنوات ومراكز إعلامية موالية للإمارات قامت بنشر خصوصيات أسرية، وتلفيق قصص تمسّ عرضه وأسرته، بهدف اغتياله اجتماعياً ونفسياً، كما كشف عن تعرضه لضغوط، ومضايقات، وتهديدات بالتصفية، واستخدام نفوذ أمني خارج إطار القانون، واستخدام الأموال والإعلام وملفات ملفقة للتحريض عليه وإسكاته.

وقد تسببت هذه الاعتداءات الممنهجة في وصوله إلى قناعة بأن الأمر تجاوز الخلاف السياسي ليتحول إلى عداء شخصي بلا حدود أو أخلاق.

وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على مستوى الانحدار الأخلاقي الذي وصلت إليه فصائل المرتزقة في عدن، في ظل غياب أي رادع قانوني أو رقابي.

وتحظى مظلومية القحطاني بتعاطف ملحوظ من أبناء الجنوب الذين يرون في قصته صورة مصغّرة لما يمكن أن يتعرض له أي شخص يرفض الخضوع لأجندة الاحتلال المفروضة عليهم.

 

فضح الانتهاكات .. بين التحالف مع العدو الإسرائيلي وتجريم التحالف مع اليمنيين

من النقاط الأكثر إثارة في حديث أمجد خالد، اتهامه الصريح لفصائل المرتزقة المدعومة من الاحتلال بممارسة، انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، واعتقالات تعسفية، وسجون سرية بتمويل إماراتي، وتغييب أشخاص قسرياً خارج المنظومة القضائية، وتصفية حسابات سياسية.

وفي الوقت نفسه، تجرّ هذه الفصائل نفسها إلى تحالفات علنية مع العدو الإسرائيلي، بل ويتفاخرون بتقاربهم مع العدو الإسرائيلي، سواء على مستوى التعاون الأمني أو العلاقات غير المعلنة، في حين تجرّم أي تواصل أو تحالف بين أبناء اليمن أنفسهم، سواء في الجنوب أو الشمال، ويرى القحطاني أن هذا التناقض يفضح حقيقة المشروع المراد فرضه على اليمن، وهو مشروع قائم على تفتيت المجتمع وضرب وحدته الداخلية.

 

الأبعاد السياسية لعودة أمجد خالد إلى صف الوطن

لا ينظر المراقبون لعودة القحطاني كحدث ثانوي، بل كعلامة على تحولات عميقة تُقرأ  على أكثر من مستوى، فهي تمثل ضربة للاحتلال السعودي _ الإماراتي، لأنه شخصية كانت محسوبة على معسكرهم، وخروجه بهذا الشكل العلني يمثل تعرية داخلية لسياسات الاحتلال وأدواته في عدن، وانعكاس لاحتقان شعبي، حيث وأن الكثير من الجنوبيين، بمن فيهم قيادات عسكرية وقبلية، يعيشون حالة تململ من الاحتلال الأجنبي ووجوده وتدخلاته.

كما أن خطوة القحطاني قد تؤسس لموجة قادمة من الشخصيات التي ترغب في الابتعاد عن الاحتلال السعودي _ الإماراتي وإعادة التموضع باتجاه صنعاء، التي تناهض أي تواجد للاحتلال في أي منطقة أو محافظة من محافظات الجمهورية اليمنية وترفع شعار التحرر من الوصاية والاستقلال ، والتي أصبح لها شأن ليس على المستوى الداخلي وحسب ، بل على المستوى العربي والإقليمي والعالمي ، نتيجة مواقفها المشرفة والعظيمة تجاه القضية الفلسطينية وإسناد غزة على كافة المستويات.

وهذه المواقف أرضية يمكن أن يستفيد منها كل القوى الوطنية المناهضة للاحتلال في الجنوب ، والبدء في خلق تكتل جنوبي وطني جديد يرفض الوصاية والاحتلال

 

ختاماً

سواء كان موقف أمجد خالد القحطاني تعبيراً عن مراجعة شخصية، أو نتيجة ضغوط أو تحولات كبرى في الجنوب، فإن خطوته تؤكد أنها ليست مجرد قرار شخصي، بل حدث سياسي يعكس تغيّراً تدريجياً في المزاج الجنوبي تجاه الاحتلال السعودي _ الإماراتي،  وبينما تواصل عدن الغرق في الفوضى والانفلات، تبرز أصوات جنوبية باتت مقتنعة بأن الحل يكمن في العودة للصف الوطني ووحدة المصير والقرار اليمني بعيداً عن التدخلات الخارجية وأهدافه الاستعمارية الخبيثة، ويبقى السؤال، هل ستكون صرخة أمجد خالد بداية تحوّل شامل، أم مجرد مقدمة لمرحلة جديدة من التحول السياسي داخل الجنوب؟