اليمن بعد 21 سبتمبر.. هوية إيمانية ومشروع قرآني يصوغان ملامح المرحلة

البيضاء نت | تقرير أحمد قحيم 

 

لم يأتِ فجر 21 سبتمبر 2014 ليضيف تاريخًا جديدًا إلى تقويم الأيام وحسب، بل جاء بمنزلة الانفجار الذي أعاد تشكيل وعي اليمنيين ودورهم وموقعهم في الخارطة الإقليمية والعالمية.
كانت البلاد منذ عقود تُقاد خارج إرادتها؛ هويتها تحت التجريف، وقرارها تحت الوصاية، وثقافتها تُعاد صياغتها في مصانع التبعية السعودية الأمريكية.. لكن حين دوّى فجر الثورة، انفتح الباب على مستقبل آخر: مستقبل يستعيد للإنسان اليمني إيمانه وهويته وكرامته، ويعيد لليمن موقعه الطبيعي في معركة الأمة ضد قوى الاستكبار.

وبعد أحد عشر عامًا، لم تعد ثورة 21 سبتمبر حدثًا محليًا، بل ظاهرة عربية وإسلامية، قلبت موازين المنطقة، وغيّرت مسارات الصراع، وربطت اليمن روحيًا وسياسيًا واستراتيجيًا بقضيته المركزية الأولى: فلسطين.

اليوم، تتسع هذه الحقيقة وتتجسّد في تفاصيل المشهد: مسيرات، وقفات، عروض عسكرية، تعبئة عامة، حضور شعبي هادر، موقف ثابت من غزة، واستعداد متنامٍ “لمعركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”.
كل ذلك ليس نشاطًا منفصلًا، بل امتداد مباشر لثورة الهوية الإيمانية والمشروع القرآني.


الهوية الإيمانية.. الجذر الذي حاولت الوصاية قطعه فأحيته ثورة 21 سبتمبر

لم يكن انهيارُ النظام السابق وقيام ثورة 21 سبتمبر المجيدة حدثًا مفاجئًا، بل نتيجة طبيعية لمسار طويل من التغريب الثقافي وتجريف الهوية وتجويع الوعي، أدارت أدواته قوى خارجية معروفة، وبشكل خاص السعودية والولايات المتحدة، عبر شبكات سياسية ودينية وإعلامية هدفت إلى:

  • شلّ الوعي اليمني عبر السيطرة على التربية والتعليم والمناهج.

  • طمس الهوية الإيمانية الأصيلة عبر الوهابية وأساليبها.

  • إلغاء المناسبات الإيمانية اليمنية مثل جمعة رجب والمولد النبوي ويوم الولاية.

  • تحويل المساجد والمراكز إلى بؤر فكرية معادية للتراث اليمني.

  • غرس ثقافة التكفير والتفجير بدل ثقافة الإيمان والحكمة.

كانت تلك المرحلة محاولة منظمة لفصل اليمنيين عن تاريخهم، وعن نبيهم، وعن أدوارهم، وعن قيم الأنصار، وعن روحهم القرآنية التي حملوها عبر القرون.

غير أن بذرة الوعي التي بذرها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، أحيت ما حاول الآخرون إخماده.. فما بدأ كدروس قرآنية، تحوّل إلى ثورة فكرية، ثم إلى مشروع نهضوي شامل، وصولًا إلى لحظة انفجار 21 سبتمبر التي حررت القرار اليمني من الوصاية.

المسيرة القرآنية.. الثورة التي بدأت بالفكرة قبل أن تبدأ بالساحات

من مرّان خرجت الثورة، لا كشعار سياسي، بل كمشروع إيماني وتنموي وثقافي أسّسه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، مشروعٌ هدفه:

  • إعادة الأمة إلى كتاب الله بوصفه منهج حياة.

  • مواجهة الهيمنة الأمريكية والصهيونية لا كخيار سياسي، بل كواجب إيماني.

  • إحياء روح المسؤولية الدينية والأخلاقية التي ترفض الظلم.

  • حماية هوية اليمنيين من التلاشي والانفصال عن عناصرها الأصيلة.

فالمسيرة القرآنية هي الشرارة الأولى للثورة، لأنها ليست درسًا ثقافيًا ولا حركة وعظية فقط.. إنها مشروع نهضوي شامل بدأ من تحرير الوعي قبل تحرير الأرض.

فحين قال الشهيد القائد:
“أي إيمان لا يقودك إلى مواجهة أعداء الله فهو إيمان ناقص”
كان يرسم بوصلة جديدة، ويعيد تعريف التدين بمعناه الجهادي والأخلاقي، ويُسقط كل مظاهر التدين المفرغ من روحه.

ولذلك:

  • تحولت الدروس القرآنية إلى ثورة فكرية.

  • تحولت الصرخة إلى إعلان تحرر من الهيمنة.

  • وتحولت المفاهيم إلى وعيٍ جمعي أنتج ثورة 21 سبتمبر.

ولذلك أصبحت ثورة 21 سبتمبر فريدة بين ثورات المنطقة، لأنها استندت إلى مرجعية إيمانية واحدة، لا إلى أحزاب ولا إلى سفارات ولا إلى حسابات دولية.


من الثورة السياسية.. إلى الدولة المقاومة

ما ميّز ثورة 21 سبتمبر أنها لم تكن حركة احتجاج، بل تحول حضاري واسع أفضى إلى بناء دولة على أساس الهوية الإيمانية:

1) الأمن والسيادة
  • صارت صنعاء أكثر العواصم أمانًا بعد أن كانت ساحة فوضى.

  • تفكيك شبكات التجسس الأمريكية والصهيونية والسعودية كشف عمق التحول الأمني.

2) القوة العسكرية
  • أصبح اليمن قوة ردع حقيقية في المنطقة.

  • تطور التصنيع العسكري ليشمل صواريخ باليستية وفرط صوتية ومسيّرات تضرب عمق الكيان الصهيوني.

  • القدرة البحرية تحولت إلى معادلة إقليمية قلبت حركة الملاحة العالمية رأسًا على عقب.

3) الوعي الشعبي
  • الوعي القرآني تجذّر في المجتمع، في الأسر والمدارس والبيئة العامة.

  • ضاعت مشاريع التفكيك والتجنيد الثقافي أمام مجتمع يقف اليوم في طليعة الأمة.

4) فلسطين.. البوصلة

لم يعد دعم غزة  والقضية الفلسطينية موقفًا سياسيًا؛ بل أصبح امتدادًا طبيعيًا للهوية الإيمانية والمشروع القرآني ومعيارًا للمصداقية وللنقاء الثوري.


القضية الفلسطينية.. الامتحان الذي أثبت أصالة الثورة

لو لم تكن هناك هوية إيمانية، ولو لم يكن هناك مشروع قرآني.. لكان اليمن اليوم كغيره من الدول التي طبّعت أو صمتت.

لكن بفضل ثورة 21 سبتمبر:

  • أصبح اليمن في طليعة الأمة الداعمة لغزة.

  • تحولت المواقف الشعبية إلى مسيرات مليونية.

  • تحولت المواقف العسكرية إلى عمليات بحرية وجوية أربكت العالم.

  • وتحولت المواقف السياسية إلى رفضٍ تاريخي للكيان الصهيوني.

اليمن اليوم – رغم الحصار والجراح – يقف في الصفوف الأولى، لا يساوم ولا يبيع، لأن هويته الإيمانية تربطه بفلسطين رباطًا إيمانياً مبدئياً لا سياسيًا فقط.

المشروع القرآني هو ضمانة المستقبل

بعد أحد عشر عامًا على ثورة 21 سبتمبر المجيدة يتأكد لليمنيين أن:

  • كل ما تحقق لم يكن ليحدث لولا ثورة 21 سبتمبر.

  • وكل ما صمدوا أمامه لم يكن ليُهزم لولا الهوية الإيمانية.

  • وكل هذا الوعي لم يكن ليتجذر لولا المشروع القرآني.

ثورة 21 سبتمبر ليست مجرد ذكرى، إنها:

  • وعد تاريخي بأن اليمن لن يعود للوصاية.

  • عهد إيماني بأن القدس وفلسطين ستظل البوصلة.

  • مشروع حضاري سيحمل اليمن إلى موقعه الحقيقي: قائدًا لا تابعًا، ثابتًا لا منكسِرًا، واعيًا لا غافلاً.

وما قدّمته الثورة خلال أحد عشر عامًا.. ليس إلا البداية.