حزب الله.. ولَّادُ قادة بمستوى الشهداء
البيضاء نت | مقالات
بقلم / حاتم الأهدل
تشكِّلُ العملياتُ المتكرّرةُ التي ينفِّذُها الكَيانُ الصهيوني ضد قيادات حزب الله، والتي كان آخرها اغتيال القيادي البارز هيثم الطبطبائي في ضاحية بيروت الجنوبية، محورًا أَسَاسيًّا في استراتيجية تستهدف “قطع الرأس” وإضعاف القدرات العسكرية للحزب.. لكن السؤالَ الذي يفرضُ نفسَه هو: هل تنجحُ هذه الاستراتيجيةُ في كسر إرادَة الحزب وتحقيق الأهداف المرجوَّة؟
من الواضح أن الكيان الصهيوني يسعى من خلال هذه العمليات إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، أهمها تفكيك البنية القيادية للحزب، وتحجيم قدراته العسكرية، واستعادة هيبة الردع التي تضررت في الحروب السابقة.
كما تهدف هذه العمليات إلى إظهار التطور في القدرات الاستخباراتية والعسكرية للكيان وقدرته على الوصول إلى قيادات الحزب في عقر دارهم.
في المقابل، يواجه حزب الله هذه الاستهدافات بمنطق مختلف، يعتمد على استراتيجية مركبة تقوم على استيعاب الخسائر وتحويلها إلى عنصر قوة.
فالحزب الذي انطلق “من الصفر”، كما يقول قادته، يعتبر أن الشهداء يمثلون “اللبنات التي رفعت الحزب إلى القمة”.
هذه الرؤية التأسيسية تمثل رأس المال الرمزي الذي يعوّل عليه الحزب في تعبئة أنصاره ومواجهة الخسائر.
وقد شهدت السنوات الماضية تطورًا ملحوظًا في القدرات العسكرية لحزب الله؛ حَيثُ نمت ترسانته الصاروخية بشكل كبير، وارتفع عدد مقاتليه، واكتسب آلاف منهم خبرات قتالية كبيرة من خلال المشاركة في المعارك الإقليمية.
هذا التطور جعل من الحزب قوة هجينة تجمع بين خصائص الجيوش النظامية والمقاومة غير التقليدية.
ورغم الخطاب التعبوي القوي الذي يتبناه الحزب، إلا أن الاستهدافات المتكرّرة للقيادات تشكل اختبارا حقيقيًّا لقدرته على الصمود.
فتعويض القيادات من الصف الأول يحتاج إلى وقت طويل وإعداد معقَّد، كما أن الخبرات الميدانية المتراكمة التي تذهب مع استشهاد كُـلّ قائد تشكل خسارة يصعب تعويضها بسهولة.
تبقى المعادلة الأكثر تعقيدًا هي قدرة حزب الله على موازنة حساب الخسائر مع ضرورة الحفاظ على الردع.
فالكيان الصهيوني، الذي يدرك أن مواجهة الحزب تختلف عن مواجهة أي طرف آخر في المنطقة، يواصل محاولاته لتحييد هذه القوة.
بينما يراهن الحزب على أن دماء شهدائه، كما في روايته التأسيسية، ستظل “اللبنات” التي تمنحه الصمود في مواجهة أعتى آلة عسكرية في المنطقة.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل ستنجح استراتيجية “قطع الرأس” في كسر إرادَة الحزب، أم أن “ثقافة الاستشهاد” وقوة الردع ستثبت مرة أُخرى أنها الدرع الأقوى؟ والسؤال الأهم يبقى: إلى متى يمكن أن تستمر هذه المعادلة؟