عودة موسى.. وفرعونية العصر بين غزة واليمن
البيضاء نت | مقالات
بقلم / عبدالله عبدالعزيز الحمران
كما كان فرعون وجهًا للطغيان، رأى في موسى الطفل خطرًا داهمًا على سلطته؛ فسارعَ إلى محاولة سحقه قبل أن يشبّ ويقف في وجهه.
خاف من براءة الطفولة، فكيف لا يرتعب من نضج الإيمان؟
فموسى، في عين فرعون، لم يكن مُجَـرّد إنسان.. بل نذير زوالٍ لعرشٍ بُني على الدم والجبروت.
فبدأ فرعون بسياسات القتل والتشريد، وسلب الحقوق؛ ظنًّا أن الحديدَ يُطفِئ نورَ الوحي.
وهكذا تبدأ قصة الصراع بين الحق والجبروت.. صراعٌ قديم متجدد، يتكرّر اليوم في ثوب جديد.
اليوم، تعود القصة في سياقٍ آخر. فلسطين، في مرآة التاريخ، تقف في مواجهة طغيانٍ يتكرّر.
الأرض المباركة، والشعب الذي لم يخن عهدًا ولم يفرّط بحق، يُعامَل كما عومل موسى.
(إسرائيل)، بوجهها الفرعوني، ترى في فلسطين تهديدًا لزيف وجودها، فتقصف وتحاصر، وتهدم وتهجّر؛ ظنًّا منها أن القوة تصنع الشرعية، وأن الدبابة تكتب التاريخ.
وكما جاء يوم الزينة في قصة موسى، يوم التحدي العلني الذي دعا إليه فرعون ليذل موسى أمام الملأ، يتكرّر المشهد اليوم.
غزة اليوم هي ساحة الزينة، المفتوحة على أعين العالم.
الطغاة يعرضون قوتهم، يلقون بأسلحتهم، ويحسبون أن الدم المسفوح والنار المشتعلة ستمنحهم السيطرة.
حشدوا السحرة، وجيَّشوا الإعلام، وزخرفوا الباطل بكل حيلة.
لكن كما لم يأتِ موسى بسحر، بل بالحق، جاءت المقاومة اليوم بعصا موسى.. لا تخدع ولا تزخرف، بل تقلب موازين الطغاة.
نعم، عصا موسى عادت.. هذه المرة في يد المقاومة
في يد شعبٍ لم يهن، وفي موقفٍ يمني شجاع قال كلمته ومضى في طريقه، يرسل رسائله، حَيثُ لا تصل الكلمات، ويكتب موقفه بالنار في وجه أمريكا و(إسرائيل).
الاصطفاف اليوم واضح: بين موسى والسحَرة
واليمن، بكل وضوح، اختار أن يكون في صف موسى، لا بين جمهور السَّحَرة.
رفض المواقف الرمادية، ووقف في جبهة الحق، في وجه “فرعون العصر”.
في هذا المشهد، غزة هي الصوت، واليمن هو الصدى.
الميدانُ واحد، والعدوُّ واحد، والقضيةُ لا تتجزأ.
وكما انشق البحر لموسى، ها هو ينشق لفلسطين، كلما ضرب اليمن بعصاه، فيلتهم سفن فرعون هذا العصر، كما التهم فرعون الأمس وجنوده.
وكما كتبت نهاية فرعون على يد موسى، فَــإنَّ نهايةَ (إسرائيل) ستكونُ على يد أبطال غزة واليمن.
وكما خرج موسى من قيد العبودية، ستخرج فلسطين من قيد الاحتلال، وتتحرّر.
فالنصرُ وعدٌ لا يُبدَّل، والحق لا يُقهر؛ لأَنَّ الله هو الحق.
“وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”.