عائلة “عفاش”: ثقب أسود ابتلع مليارات اليمنيين وخان الوطن بدم بارد

البيضاء نت | تقرير 

 

 

في ميزان كل أمة، لا جريمة أعظم من الخيانة، ولا خطر أشد من الخونة الذين ينقضون على وطنهم من الداخل. الخيانة ليست مجرد خيانة خصم خارجي، بل هي وباء داخلي يسري في عروق الأمة، يغرز سكينه في خاصرتها بينما يبتسم بوجه شعبه. لهذا، تُعتبر الخيانة في كل دساتير العالم، وفي قوانين الشرف والدين، أشد الجرائم وأقسىها.

اليوم، بينما يسطر اليمن أروع ملاحم التضحية والبطولة لدعم الشعب الفلسطيني في غزة، يحاول أعداؤه عبر عملائهم من خونة الداخل، وعلى رأسهم أسرة علي عبدالله صالح “عفاش”، زعزعة الأمن وإشغال القوات المسلحة اليمنية. ولكن التاريخ يعلمنا أن الشعب اليمني قادر على دحر الفتن وإسقاطها مهما تكاثرت.

إدارة الفتن ونهب ثروات الشعب

 

منذ اللحظة الأولى لتسلّم علي عبدالله صالح السلطة، لم يكن هدفه بناء دولة قوية، بل فرض سيطرته المطلقة وإشاعة الفوضى لإضعاف أي مشروع وطني. فتولدت الحروب الداخلية من المناطق الوسطى إلى الجنوب، مروراً بصعدة، إلى جانب تغذية جماعات التكفير وتوظيفها سياسياً، بهدف تحويل الدولة إلى أداة لخدمة عائلة “عفاش” فقط.

لكن الأسوأ كان الفساد المالي والنهب المنظم: فقد تحولت الدولة إلى “ثقب أسود” ابتلع ما يقارب 30 مليار دولار من إيرادات النفط خلال 1990-2011 فقط، بحسب دراسات دولية موثقة. المبالغ الهائلة التي كان من المفترض أن تبني الدولة وتحسن حياة الناس ذهبت بالكامل إلى جيوب عائلة صالح وأعوانه، بينما ظل اليمنيون يعانون الفقر والبطالة المتفشية.

تم استغلال السلطة لإبرام صفقات احتكارية في قطاع النفط والغاز، حيث استحوذت عائلة صالح على عقود ضخمة، بينما استُغل الدعم الحكومي لتهريب الوقود المدعوم وبيعه في الأسواق العالمية. شركات مثل “ذكوان للبترول”، التي أسسها نجله أحمد، أصبحت رمزا للاحتكار والفساد الذي كبد الخزينة خسائر فادحة.

الاستثمار في الخارج.. وتدمير الداخل

 

وسط هذا النهب الممنهج، حرصت الأسرة الحاكمة على تحويل الأموال المنهوبة إلى استثمارات ضخمة في الخارج، في دول الخليج وأوروبا، بينما لم تشهد اليمن أي استثمار حقيقي يعيد بناء اقتصادها المهترئ.

الفقْر والإفقار لم يكنا وليدا الفساد فقط، بل سياسة ممنهجة لشل الشعب وتثبيت نفوذ شبكة عائلية وقبلية تتحكم في المناصب والموارد، بعيداً عن الكفاءة والعدل.

تدمير الزراعة والاقتصاد الوطني

 

لم يتوقف الأمر عند فساد الأموال، بل شمل تدمير القطاعات الإنتاجية الحيوية. فرضت سياسات اقتصادية قاسية بالتنسيق مع منظمات دولية أدت إلى إغراق السوق اليمني بالمنتجات الأجنبية المدعومة، وقتل الزراعة المحلية والصناعات التحويلية، وتحويل اليمن إلى دولة تعتمد على الإعانات والهبات.

رأس المال اليمني صار مجرد وكيل للمنتجات الأجنبية، وتلاشى الاقتصاد الوطني أمام استيراد السلع التي استنزفت موارد الشعب وأجوره ومدخراته.

تفكيك الدولة وشخصنة السلطة

 

مع مرور الوقت، تحولت الدولة إلى أداة لخدمة مصالح العائلة الضيقة، حيث استُبعد الكفاءات وحُكمت المؤسسات وفق الولاءات القبلية والسياسية. تآكلت البنى الإدارية والقضائية، وارتفعت معدلات الفساد، حتى أصبحت معظم مرافق الدولة في حالة انهيار تام.

الخيانة السياسية.. وعلاقات مع الأعداء

 

أشد فصول هذه الحقبة ظلاماً، كانت الخيانة السياسية التي أقدم عليها “عفاش”، إذ ربط حكمه بالهيمنة الأمريكية الإسرائيلية، من خلال دعم الأجهزة الأمنية التي خدمت مصالح القوى الأجنبية، وفتح أبواب التعاون السري مع “الموساد” وكيانات العدو.

تُظهر الوثائق والتحقيقات كيف دعمت إسرائيل حرب 1994 في اليمن، وكيف خططت لبناء قاعدة صاروخية استراتيجية في جزيرة ميون، وسط تواطؤ مباشر من النظام السابق.

ختاماً خلال أكثر من ثلاثة عقود، حول نظام “عفاش” اليمن إلى دولة منكوبة، غرق شعبها في الفقر والدمار، وأضعفت مؤسساتها، وموّلت أعداء الأمة بخيانات داخلية لا تغتفر. ومع ذلك، فإن الشعب اليمني، برغم كل المحن، لا يزال صامداً، قادراً على مقاومة كل محاولات الفتنة واستعادة وطنه العظيم.