أطفال غزة بين الحرب والعمل.. مدارسهم دُمرت وأحلامهم ذهبت

البيضاء نت | عربي دولي 

 

في صباحات يُفترض أن تكون مليئة بأصوات الأناشيد وابتسامات الحصص المدرسية، ينهض أطفال غزة كل يوم على صوت القصف والطائرات، حاملين أعباءً لا تحتملها أعمارهم. لم تعد المدرسة مكانًا للتعلم، بل الركام ملاذًا مؤقتًا، والعمل الشاق وسيلة للبقاء على قيد الحياة.

يوسف أبو هداف (14 عامًا)، كان من المفترض أن يجلس اليوم في الصف الثامن، لكنه يقف أمام بسطة متواضعة في خان يونس يبيع مواد غذائية مقابل عشرة شواقل يوميًا. يقول لـ”فلسطين”: “تعبنا كتير من الحرب.. نفسي أرجع على المدرسة بس الظروف أقوى مني”.

أحمد منصور يتنقل بعربته الصغيرة بين خيام النزوح في دير البلح، يبيع الماء والمشروبات المثلجة منذ الصباح حتى المساء، ليعود بأرباح لا تكاد تكفي قوت يومه. ويضيف: “نفسي أكون في المدرسة وأتعلم، بس الحرب أخذت منا كل حاجة.. حياتنا كلها صارت شغل ومعاناة”.

معتصم خالد، الطالب المتفوق سابقًا في الصف التاسع، صار يساعد والدته في صناعة الكعك صباحًا ليبيعه على الطرقات، وهو يقول: “كنت شاطر في المدرسة.. اليوم صرت بياع كعك.. مش حرام يضيع مستقبلي هيك؟”.

أما أحمد العماوي (15 عامًا)، الذي حلم أن يصبح مهندسًا يبني بيتًا لعائلته، فيراجع دروسه القديمة على أمل ألا ينسى ما تعلمه، موضحًا: “بخاف تمر سنوات وأنا بلا شهادة.. أصحابي بين شهيد ومشرد، وأحلامنا كلها ضاعت”.

الأرقام تعكس حجم الكارثة؛ فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم عن استشهاد أكثر من 17 ألف طالب و1261 جامعياً منذ 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى مئات المعلمين وآلاف الجرحى. وحذرت “أونروا” من أن القطاع “يخاطر بفقدان جيل كامل من الأطفال”، مؤكدة أن “الحرب في غزة هي حرب على الطفولة قبل أي شيء آخر”.

في الوقت نفسه، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي وأوروبي، ارتكاب جرائم إبادة جماعية وحصار وتجويع، أسفرت عن استشهاد أكثر من 65,502 مدنيًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 167,376 آخرين، مع استمرار الآلاف تحت الركام في انتظار الوصول إليهم.

ويبقى السؤال المؤلم معلقًا في وجدان أطفال غزة: هل يعودون يومًا إلى مدارسهم، أم ستسرق الحرب مستقبلهم إلى الأبد؟