وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ.. تُظهر حقيقة الشراكة الاستخباراتية السعوديّة
البيضاء نت | مقالات
بقلم / محمد نبيل اليوسفي
من بعد عملية “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ” التي حقّقت إنجازًا أمنيًّا عَمِيقًا ومهمًّا، استطاعت تفكيك غرفةٍ مشتركةٍ بين الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية والسعوديّة المتورطة في هذه العملية كأدَاة تنفيذيةٍ لخدمة الأجندة الخارجية بالوظيفة الاستخباراتية.
لتشمل هذه الغرفة المشتركة العملَ على التدريب والتأهيل لشبكاتٍ تجسسيةٍ في الأراضي السعوديّة على يد ضباطٍ أمريكيين وإسرائيليين؛ لكيفية استخدام أحدث الأجهزة التجسسية المعقدة وعلى كيفية أساليب التمويه والتخفي ورفع التقارير الاستخباراتية.
ومن ثمَّ القيام بتوجيه هذه الشبكات العنكبوتية المتجسسة نحو هدفٍ رئيسيٍّ يتم من خلاله جمع المعلومات المفصَّلة للمفهومية الشكلية الصحيحة للبنية التحتية اليمنية، الحكومية- والعسكرية- والأمنية- ورصد القادة الحكوميين- والعسكريين.
حيث تمَّ تزويد هذه الشبكة التجسسية بكميةٍ كبيرةٍ من الأجهزة التجسسية المعقدة والخطيرة، وذات التمويه- والتخفي- الدقيق لصعوبة اكتشافها؛ أَيْـضًا تكثيف التدريبات لهذه الشبكة التجسسية بشكلٍ استراتيجي للقدرة على جمع المعلومات بشكلٍ تسلسليٍّ ودقيقٍ لأهميّة نجاح عمليات التجسس.
تشير نتائج الحيطة والحذر:
إلا أن النتيجة النهائية كانت هي النجاح الأمني “لوزارة الداخلية اليمنية” التي استطاعت– من بعد مرحلةٍ طويلةٍ من الرصد والترقب الشديد والمعقد – من الظفر بهذه الشبكة التجسسية “بفضل الله”، ورغم صعوبة التخفي والتمويه لشبكة التجسس.
حيث ما يكمن هنا هو أن الأمن والاستخبارات اليمنية اليوم مثلت من بعد تجربةٍ أمنيةٍ مليئةٍ بالتجارب الاكتساب الكبير للخبرات الأمنية وتفادي الأخطاء ثم الإثبات عن مدى النجاح الأمني المحكم والبارع الذي لم يتيح أيَّةً من الفرص لمثل هكذا شبكاتٍ تجسسية جاءت لخدمة الأجندة الخارجية.
وخَاصَّة من خلال استخدام المخابرات الصهيو-أمريكية: للسعوديّة كأدَاة تجنيدٍ لشبكات التجسس عبر الريال السعوديّ، لتوريط الخونة من الداخل اليمني وتحويلهم إلى مُجَـرّد عملاء وجواسيس لإفشاء وتسريب أسرار بلدهم.
تكمن الأبعاد الخفية لغرفة الاستخبارات المشتركة:
من بعد معركةٍ إلكترونيةٍ لم تكن الأولى وليست الأخيرة؛ إلا أن الأبعاد السياسية والاستراتيجية الجارية على منصات الإعلام بشأن مفهومية هذه الغرفة المشتركة.
لتُشير إلى ثلاث خطوات جوهرية: حَيثُ تكشفُ الخطوة الأولى عن أن الشراكة التجسسية التي جرت ما بين الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية مع السعوديّة لم تكن شراكةً استراتيجيةً في صنع القرار الأمني؛ وإنما استُخدمت السعوديّة كمُجَـرّد وسيلةٍ تنفيذيةٍ لتجنيد شبكات التجسس وجمع المعلومات بما يتعلق بالجبهة الداخلية اليمنية ومن ثم إرسالها فحسب.
أما الخطوة الثانية: تؤكّـد أن عدم تدخل السعوديّة كشريكٍ استراتيجيٍّ في هذه المعركة الإلكترونية يعود نتيجة أنها هدفٌ ضمن مخطّط صهيو-أمريكي مستقبلي من جهة؛ ومن جهة أُخرى نتيجة أنها لا تمتلك حتى التقنية لحماية نفسها أولًا؛ ثم لعدم الوثوق بها كونها باعت شعوبها قبل أن تتيح فرصةً للمخابرات الصهيو-أمريكية الوثوق بها اليوم.
ثم لمحاولاتٍ صهيو-أمريكيةٍ يائسةٍ للاستفادة من السعوديّة لكونها الأقرب لليمن جغرافيًّا من جهة؛ ومن أُخرى لكونها استمرت عبر أحد عشر عامًا من الحرب مع اليمن ظانين أنها لربما أصبحت تمتلك بعضًا من المعلومات الاستراتيجية بشأن صنعاء نتيجة مدى الحرب الطويلة.
أما بما يتعلق بالخطوة الثالثة: فهي دليلٌ قاطعٌ بأن ما دفع بالعدوَّين الأمريكي والإسرائيلي إلى اللجوء الأعمى باتّجاه السعوديّة لتأسيس هذه الغرفة المشتركة لتنفيذ عمليات التجسس، هو مدى الفشل الاستخباراتي والهزيمة النفسية التي تكبداها على مدى عامين من المواجهة المباشرة من قبل جبهة الإسناد اليمنية؛ أما الفشل الآخر، فيتمثل في الاختيار الهش للمخابرات السعوديّة كأدَاة تنفيذية من زاوية أُخرى.
كما أن السعوديّة سواءً امتلكت على مدى الأعوام السابقة من الحرب مع اليمن، أَو من خلال المرحلة الجديدة، معلوماتٍ بشأن صنعاء أم لم تمتلك: فهي في الأخير لم تكن سوى أدَاة طيعةٍ لا تستطيع المشاركة في صناعة لا القرار الاستخباراتي ولا العسكري بالشراكة الأمريكية الإسرائيلية وإنما هي عبارة عن أدَاة للتنفيذ فقط.
خاتمة نموذج أمني راقٍ:
في الخاتمة فإن صنعاء اليوم تثبت من خلال هذا النجاح الأمني الاستخباراتي اليمني؛ أن الجانب الأمني قد أصبح نموذجًا راقيًا لاكتشاف أحدث الأجهزة التجسسية المعقدة والخطيرة وذات الجودة العالية.
وما هذا الإنجاز الاستخباراتي “لوزارة الداخلية اليمنية” إلا مُجَـرّد بدايةٌ أمنيةٌ ما زالت تحملُ في المستقبل الكثيرَ من المفاجآت الدقيقة لإفشال كُـلّ الهجمات السيبيرانية والخروقات الأمنية والشبكات التجسسية.