السعوديّة.. من بوابة الاقتصاد إلى دهاليز الحرب: حكاية تحوّل لم يعد خافيًا

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / عبدالله عبدالعزيز الحمران

لم يكن أحد يتخيّل أن الطريق المعبّد باللقاءات الاقتصادية الهادئة بين السعوديّة والكيان سيفضي في النهاية إلى دهاليز غرفة عمليات واحدة تستهدف اليمن وفلسطين والمنطقة معًا.. لكن الأحداث –كما لو أنها أرادت أن تفضح المستور– أخذت تفتح الأبواب بابًا بعد باب، حتى ظهر المشهد كاملًا بلا رتوش.

 

البداية الهادئة..

في السنوات الماضية، بدأت الحكاية ببطء، كخطواتٍ محسوبة في ممرٍّ جانبي بعيدٍ عن أعين الناس.

ملفات اقتصادية تُفتح، شركات تقنية تُستقبل، وخطوط اتصال تُمدّ بين الرياض وكَبان الاحتلال، بينما الإعلام الرسمي يكتفي بالإنكار أَو الصمت.

كان المشهد أشبه بشخصٍ يمشي بليلٍ حالك وهو يظنّ أن الظلام سيُبقيه خفيًّا.

ثم.. تكلمت الأحداث

لم يكن اليمنيون بحاجة إلى تحليلات غربية ليدركوا حجم ما يجري.

كانت الضربات الجوية، والتحَرّكات المريبة في البحر الأحمر، والقرارات السياسية المتناغمة مع البيت الأبيض والكيان، تشير إلى أن هناك ما هو أعمق وأخطر.

 

لكن الحقيقة لم تظهر كاملة إلا عندما سقطت شبكة الجواسيس في قبضة الأجهزة الأمنية اليمنية، وانكشفت خيوط الغرفة المشتركة، كمن يفتح صندوقًا ظلّ مغلقًا لسنوات طويلة.

 

اعترافات لا تقبل التأويل

جلس الجواسيس المضبوطون أمام الكاميرا، وكل واحدٍ منهم كان يروي جزءًا من الحكاية.

لم تكن مُجَـرّد كلمات؛ كانت اعترافات تُضيء المشهد المعتم:

ضباط سعوديّون يعملون في الخط ذاته الذي يعمل فيه ضباط من الكيان.

أوامر مشتركة، وتمويل مشترك، وهدف واحد: اليمن.

مهام تتجاوز جمع المعلومات لتصل إلى رفع إحداثيات ومواقع حساسة.

دعم مباشر للعدو الصهيوني في البحر الأحمر وفي معركة غزة.

كان المشهد صادمًا..

ليس لأَنَّ اليمنيين لم يتوقعوه؛ بل لأَنَّ العدوّ نفسه هو من كشف سرّه بلسان عملائه.

 

من اقتصاد مُطبّع إلى بندقية مشتركة

التطبيع عادة يبدأ من بوابة الاقتصاد، لكن ما حدث هنا تجاوز كُـلّ ما عُرف.

انتقلت العلاقة من: صفقات تحت الطاولة، إلى تنسيق سياسي معلن، إلى شراكة عسكرية مباشرة ضد الأُمَّــة.

وكأن الرياض كانت ترتقي درجة بعد أُخرى في سلّم العمالة حتى وصلت إلى السقف الأخير: الشراكة مع العدوّ في الحرب على الشعوب الحرّة.

 

اليمن.. الساحة التي كشفت الحقيقة

منذ اليوم الأول للعدوان، كان اليمن يدرك أن هناك أصابع تحَرّك المشهد من خلف الستار.

لكن إسقاط شبكة التجسس جعل الصورة أوضح من أي وقت مضى.

لقد تبيّن أن العدوان ليس – كما زعموا – “تحالفًا عربيًّا”، بل غرفة عمليات أمريكية – بريطانية – سعوديّة – إسرائيلية واحدة.

الهدف لم يكن “استعادة الشرعية” كما قالوا، بل استهداف اليمن كقلعة صلبة تقف في صف فلسطين والمستضعفين.

كل ضربة على اليمن كانت تصبّ في خدمة المشروع الصهيوني في غزة والبحر الأحمر.

في فلسطين.. الخيانة من الخلف

وفي الوقت الذي كانت غزة تُقصف، كانت السعوديّة تعزّز وجودها في ذلك المحور الذي يطعن فلسطين من الخلف.

لم تكن خيانة صاخبة..

بل هادئة، باردة، محسوبة، تتوارى خلف كلمات السلام ومشاريع المبادرة.

لكن اليمن – حين كشف شبكة الجواسيس – كشف معها الوجه الحقيقي لتلك “المشاريع”.

اليوم.. لم يعد بإمْكَانهم الاختباء

ما عاد التطبيع سرًا، ولا العلاقة مع العدوّ حديثًا في الغرف المغلقة.

لقد خرج كُـلّ شيء إلى الضوء:

السلاح، الأموال، الإحداثيات، الاتصالات، والأهداف المشتركة.

وكأن الأحداث أرادت أن تقول: من كان يظن نفسه خلف الستار.. أصبح الآن على المسرح مكشوفًا تمامًا.

 

خاتمة الحكاية..

اليمن، الذي أرادوا له أن يكون الحلقة الأضعف، تحوّل إلى الساحة التي تُعيد رسم الخريطة.

سقطت الأقنعة، وتكلمت الوقائع، واعترف الجواسيس.

أما السعوديّة، فانتقلت – خطوة بعد خطوة – من الاقتصاد المُطبّع إلى البندقية الموجّهة ضد اليمن وفلسطين.

وهكذا كتبت الأحداث الحقيقة على لسان العملاء:

لم تعد الرياض مُجَـرّد مُطبّع.. بل شريك عسكري للعدو في معاركه ضد الأُمَّــة.