صراع الإرادات في البحر الأحمر: اليقين اليمني يكسر وهم القوى العظمى

البيضاء نت | مقالات

بقلم / أصيل علي البجلي 

 

 

في دهاليز البحر الأحمر، وعلى مسطحه الملتهب، تتجلى اليوم ملحمة صراع الإرادات التي تعيد تشكيل الخارطة الجيوسياسية للعالم، وتُسقط الأقنعة عن زيف هيمنة القوى العظمى المزعومة. لم يعد البحر الأحمر مُجَـرّد ممر مائي حيوي، بل بات ساحة تكشف حقيقة الضعف الذي ينخر كيان الاستكبار العالمي أمام صلابة اليقين اليمني المتجذر في القرآن الكريم.

 

منذ عقود، اعتادت أمريكا وحلفاؤها على رسم الخطوط الحمراء، وتحديد مسارات الملاحة، وفرض إرادتها بالقوة الغاشمة على كُـلّ من يخالف مسارها.

 

ظنوا أن بمقدورهم تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة خَاصَّة بهم، يمر عبرها عدوانهم على الأُمَّــة، ويُستنزف خيراتها بلا حسيب أَو رقيب. لكن الطوفان اليمني أتى ليقلب الموازين، ويدحض تلك الأوهام بضربات موجعة لم تكن في حسبانهم.

 

لقد شهد العالم بأسره، وشاهدت شاشات التلفاز، المشاهد المهيبة لسفينة “Tutor” وهي ترتطم بالقدر اليمني المحتوم، تشتعل فيها النيران، وتتطاير منها ألسنة اللهب والدخان الكثيف، كأنها صرخة مدوية في وجه الغطرسة. ولم تكد تلك المشاهد تتلاشى حتى جاءت “Verbena” لتروي فصلًا جديدًا من قصة العجز الغربي، حَيثُ التقطت الكاميرات لحظات إصابتها الدقيقة، وتصاعد ألسنة النيران منها، لتصبح شاهدًا آخر على اليقظة اليمنية التي لا تنام. إن ما يجري اليوم ليس مُجَـرّد اعتراض لسفن أَو تهديد لمصالح، بل هو تعبير قاطع عن إرادَة لا تلين، تنبع من عمق الإيمان، وتستمد قوتها من حق المظلوم في الدفاع عن نفسه وأمته. لقد أثبتت الجمهورية اليمنية، بصمودها الأُسطوري وشجاعة قواتها المسلحة، أن الحديد لا يفلّه إلا الحديد، وأن وهم التفوق التكنولوجي ينهار أمام الاستراتيجية القرآنية التي ترى في العدوان فرصة للمواجهة والنصر.

 

لقد تجرأ اليمني على فعل ما عجزت عنه دول وجيوش بأكملها؛ مد يده إلى شرايين الاقتصاد الصهيو-أمريكي في البحر الأحمر، وأصابها بالشلل، ليس طمعًا في مكاسب دنيوية، بل نصرةً لغزة الجريحة، وإغاثةً لإخوانٍ طُحنوا تحت أنياب آلة الحرب الصهيونية. إن هذه الضربات ليست عشوائية، بل هي رسائل مشفرة مشبعة بالوعيد، تفضح عجز التحالفات الهشة التي تتهاوى أمام صمود الإرادَة الإلهية التي تجلت في إرادَة شعب اليمن.

 

إن “البحر الأحمر” اليوم صار مرآة تعكس هزيمة القوى العظمى التي ارتضت لنفسها أن تكون ذيلًا للكيان الصهيوني الغاصب، فباتت سفنها تجوب المياه مرعوبة، ومصالحها الاقتصادية تتهاوى، وصورتها العسكرية تتلطخ بالعار. لقد كسر اليقين اليمني أُسطورة الجبروت، وشرخ وهم السيطرة المطلقة، ليعلن للعالم بأسره أن كلمة الفصل في البحر الأحمر باتت لليمن، وأن العصر الذي كانت فيه أمريكا تملي شروطها قد ولى إلى غير رجعة. هذا هو فجر الانتصار، وهيهات أن يتراجع من كان قرآنه نبراسه ورب العزة سنده.