“الجنوب تحت الاحتلال: الأطماع السعودية الإماراتية تعمّق معاناة اليمنيين وتنهب ثرواتهم”

البيضاء نت | تقارير 

 

 

من الانهيار في عدن والمكلا، حيث تجاوز سعر الدولار 2800 ريال، وسط غياب أي إجراءات من “البنك المركزي في عدن” الخاضع لنفوذ التحالف.

ويشكو المواطنون من أزمة كهرباء حادة، ومياه غير صالحة للشرب، وغياب شبه تام للرقابة الصحية والدوائية، بالإضافة إلى الانفلات الأمني وانتشار العصابات المسلحة المدعومة من قوى خارجية.

تفكيك النسيج الاجتماعي وتمزيق المجتمع تعيش المحافظات الجنوبية والشرقية في اليمن واقعًا مأساويًا متفاقمًا، في ظل ما يصفه كثير من المراقبين بأنه احتلال سعودي إماراتي غير معلن، يعبث بمقدرات البلاد ويعمّق الأزمات الإنسانية والمعيشية في تلك المناطق. ورغم الوعود الكثيرة التي رُوّجت تحت مظلة “التحالف العربي” لإعادة الشرعية، إلا أن الواقع اليوم يُظهر سيطرة شبه كاملة على الموانئ والمطارات، ونهبًا واسعًا للثروات، وتفككًا سياسيًا وأمنيًا غير مسبوق.

نهب الثروات.. في وضح النهار

تُعد محافظات حضرموت وشبوة والمهرة من أغنى مناطق اليمن بالنفط والغاز والمعادن، إلا أن سكانها يعيشون في فقر مدقع، وبنية تحتية مدمّرة، وانعدام شبه كلي للخدمات.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن الإمارات تتحكم بشكل مباشر بميناء بلحاف لتصدير الغاز في شبوة، وتمنع تشغيله لصالح الدولة اليمنية، فيما تتولى قوات سعودية إدارة منشآت نفطية في حضرموت والمهرة وتُشرف على عمليات تصدير عبر موانئ محمية بالكامل من قبلها.

وأكدت مصادر محلية أن عائدات النفط تُحوّل إلى حسابات خاصة خارج البلاد، ولا يُعرف مصيرها، في الوقت الذي تعاني فيه المؤسسات المحلية من العجز عن دفع رواتب الموظفين أو تمويل مشاريع خدمية.

عسكرة الحياة المدنية وتقويض السيادة

تحوّلت مناطق الجنوب إلى مربعات نفوذ عسكري، تنتشر فيها القواعد والمعسكرات الأجنبية.
في سقطرى، على سبيل المثال، أنشأت الإمارات قواعد عسكرية بالتعاون مع قوات أجنبية، وقامت بتجنيس الآلاف من السكان وتغيير الطابع الديمغرافي للجزيرة.
وفي المهرة، تُتهم السعودية ببناء قواعد عسكرية عند المنافذ البرية مع سلطنة عُمان، وإدخال قوات وأسلحة دون موافقة الحكومة، ما تسبب في صدامات مع الأهالي.

هذه السياسات تُمثل – بحسب خبراء – تهديدًا مباشرًا للسيادة الوطنية اليمنية، وتمهيدًا لتقسيم البلاد عبر فرض أمر واقع جديد على الأرض.

أزمات معيشية متصاعدة.. رغم الموارد

رغم وفرة الموارد، تعاني المحافظات الجنوبية من انهيار اقتصادي واسع. العملة المحلية تسجل مستويات قياسية

لم تقتصر التدخلات السعودية الإماراتية على الجوانب الاقتصادية والعسكرية، بل امتدت إلى تغذية الصراعات المناطقية والقبلية، ودعم فصائل متناحرة للسيطرة على الأرض، مما أدى إلى اشتباكات متكررة في عدن وأبين وشبوة.

وتحاول كل من السعودية والإمارات فرض كيانات موازية للدولة اليمنية، عبر دعم المجلس الانتقالي الجنوبي ومجالس سياسية محلية أخرى، في خطوة تُعد نسفًا واضحًا لوحدة البلاد.

مواقف وطنية ودعوات للتحرير

في المقابل، تتصاعد الأصوات الوطنية الرافضة لهذا الاحتلال المباشر وغير المعلن، وتطالب بإنهاء التواجد الأجنبي في الأراضي اليمنية، واستعادة القرار السيادي للدولة.

وتنظّم بين حين وآخر احتجاجات شعبية في المهرة وسقطرى وشبوة، رافضة الوجود العسكري السعودي الإماراتي، ومطالبة بخروج القوات الأجنبية، ووقف عمليات النهب.

كما تدعو قوى وطنية إلى توحيد الصفوف واستعادة القرار الوطني، والاعتماد على الذات في بناء مؤسسات الدولة، بعيدا عن أي وصاية خارجية.

 

يتضح من مجمل المعطيات أن التدخل السعودي الإماراتي في الجنوب والشرق اليمني لم يأتِ لخدمة اليمنيين، بل لتحقيق مصالح اقتصادية واستراتيجية، على حساب الشعب اليمني وثرواته ومستقبله.
وبينما يتواصل الصمت الدولي، يبقى الأمل معقودًا على وعي الشعب اليمني وقدرته على استعادة سيادته وكرامته، في وجه مشروع الاحتلال الناعم الذي أصبح اليوم أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.