غزة تستغيث: بين محرقة الإبادة وحصار الموت الصامت
البيضاء نت | تقارير
لم تعد غزة مجرد مدينة محاصَرة؛ بل تحوّلت إلى مرآة دامغة تكشف عجز العالم الأخلاقي، وتفضح ازدواجية معاييره، بينما تُباد أمة بأكملها أمام أعين الجميع.
في القطاع المحاصر، يقود الاحتلال الإسرائيلي حرباً شاملة على الحياة، لا تفرق بين بشر أو حجر، طفل أو شيخ، طبيب أو مريض. القصف لا يتوقف، والاستهداف طال المستشفيات، وفرق الإنقاذ، وحتى مراكز توزيع المساعدات، لتتحول إلى مصائد موت جماعية.
ضحايا لا يُحصَون.. والمجازر مستمرة
بحسب وزارة الصحة في غزة، فإن القطاع شهد خلال 24 ساعة فقط 94 شهيداً و252 إصابة، لترتفع الحصيلة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى أكثر من 58,573 شهيداً و139,607 مصاباً، فيما بلغت حصيلة الشهداء منذ بدء عدوان 18 مارس فقط 7,750 شهيداً و27,566 إصابة.
القطاع الصحي يحتضر
مستشفى الخدمة العامة توقّف كلياً عن العمل، بينما يُحذر الأطباء من انهيار وشيك لمجمعي “الشفاء” و”الحلو”. مدير الشفاء د. محمد أبو سلمية وصف الوضع بـ”النكبة الصحية”، وأشار إلى استشهاد 21 فلسطينياً خلال توزيع مساعدات بسبب قنابل الغاز، معظمهم من الأطفال وكبار السن.
القتل طال الأرحام.. والمواليد يموتون قبل أن يُبصروا الحياة
كشف د. منير البرش، مدير عام وزارة الصحة بغزة، أن الحرب امتدت حتى للأجنة، حيث سجّلت المستشفيات 2,600 حالة إجهاض ووفاة 220 جنيناً نتيجة نقص الغذاء والدواء، و1,460 حالة ولادة مبكرة وسط بيئة صحية كارثية. كما وُلد 1,600 طفل بوزن أقل من الطبيعي، بينما يعاني 2,535 رضيعاً من مشكلات صحية خطيرة وسط نقص حاد في الحضّانات.
مجاعة الأطفال.. كارثة متفاقمة
بحسب “الأونروا”، فإن طفلاً من كل عشرة يعاني من سوء تغذية، بينما تُظهر الإحصائيات وفاة 67 طفلاً بسبب الجوع، ووجود 650 طفلاً دون سن الخامسة مهددين بالموت في أي لحظة. عدد الأطفال المتأثرين بسوء التغذية تجاوز 70 ألفاً، في ظل شلل تام للقطاع الطبي.
أطباء شهداء.. والكادر الطبي في خط النار
في قصف مباشر على تجمع للمدنيين، استُشهد الطبيب الاستشاري أحمد قنديل، أحد أعمدة الجراحة العامة في مستشفى المعمداني، ليُضاف اسمه إلى قائمة طويلة من الكوادر الطبية التي سقطت في أداء واجبها الإنساني.
العطش.. وجه آخر للمجزرة
الاحتلال دمّر 112 نقطة مياه وارتكب مجازر ضد مئات المدنيين في طوابير تعبئة المياه، راح ضحيتها 700 شهيد، معظمهم من الأطفال. كما تعمّد تدمير 720 بئر مياه، ومنع دخول 12 مليون لتر وقود شهرياً، ما أدى إلى توقف محطات المياه والصرف الصحي والنفايات، وانقطاع المياه عن أكثر من 1.25 مليون فلسطيني.
انهيار شامل يهدد البقاء
توقفت بلديات محافظة الوسطى بالكامل، وأُعلن عن توقف محطة تحلية مياه البحر في دير البلح، بسبب انقطاع الكهرباء والوقود. وتعاني محطات المياه الرئيسية من شلل تام منذ أشهر، ما يهدد بكارثة صحية وبيئية، خصوصاً مع دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
خاتمة: الموت في غزة ليس خبراً.. بل واقعٌ يوميٌّ صامت
في كل زاوية من القطاع المحاصر، قصة ألم، وصرخة لا تجد من يسمعها. يموت الأطفال قبل أن ينطقوا، ويتحوّل الجوع إلى رصاصة، والعطش إلى خنجر بطيء. وفيما تغلق النوافذ الدولية أعينها، تظل غزة تنزف، شاهدة على فشل الإنسانية جمعاء.