المقاومة في فلسطين ولبنان.. تجسيدٌ معاصرٌ لروح الثورة الحسينية

البيضاء نت | مقالات 

 

بقلم / شعفل علي عمير

 

تمثل المقاومة في فلسطين ولبنان تجسيدًا حديثًا ومستدامًا للثورة الحسينية التي وقعت في القرن السابع الميلادي، بما يعكس الروابط العميقة بين النضالات الراهنة والقيم الإنسانية الخالدة التي أرساها الإمام الحسين. فالثورة الحسينية لم تكن حدثًا تاريخيًّا عابرًا، بل مبدأً ومنهجَ حياة يلهم الأجيال للوقوف بشجاعة في وجه الظلم والقهر.

 

لقد كانت كربلاء أكثرَ من مُجَـرّد معركة؛ فقد تجسدت فيها قيم الشجاعة والفداء والتضحية، وهي القيم ذاتها التي تتبناها حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، حَيثُ تنعكس في كُـلّ لحظة من لحظات الصمود والنضال ضد الاحتلال.

 

عند الحديث عن الثورة الحسينية، نستحضر موقف الإمام الحسين بن علي، الذي آثر الوقوف بوجه الظلم مهما كانت التكاليف. ومن خلال تضحياته، أرسى مبدأ عدم الاستسلام، وعزز قيمة الكرامة الإنسانية، ملهمًا الحركات التحرّرية على مرّ التاريخ.

 

وقد رفعت شعارات الثورة، وفي مقدمتها “هيهات منا الذلة”، في كُـلّ مكان يواجه الطغيان، لتصبح رمزًا للمقاومة يُردّد في أرجاء فلسطين ولبنان، ويعكس روح التحدي والإصرار على انتزاع الحقوق.

 

تُمثّل المقاومة الفلسطينية نضالًا متواصلًا ضد احتلال الكيان الصهيوني، وتجسيدًا حيًّا للمبادئ الحسينية. فعلى مدى أكثر من سبعين عامًا، واجه الشعب الفلسطيني العدوان العسكري والحصار والقمع، مستمدًا من كبريائه وإصراره روح كربلاء. مأساة الفلسطينيين اليومية تحت الاحتلال تحاكي مأساة كربلاء، وتُبقي رمزية عاشوراء حاضرة في كُـلّ فعل مقاوم. وكما صمد الحسين في معركته، يقف الفلسطينيون اليوم بثبات في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، متغلبين على الألم والمعاناة، ومؤكّـدين أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم المشروعة في الحرية والكرامة.

 

أما في لبنان، فتتجلى المقاومة في “حزب الله” الذي تأسس مطلع الثمانينيات، وحقّق إنجازات بارزة في مواجهة الوجود العسكري الإسرائيلي جنوب البلاد. هدفه تحرير الأرض وصون الكرامة الوطنية، وهو هدف ينسجم مع مبادئ الثورة الحسينية. وخلال حرب يوليو 2006، تجلت الروح الحسينية في صمود مقاتلي حزب الله أمام آلة الحرب الصهيونية، حَيثُ غدوا رمزًا للمقاومة ضد الظلم، مجسدين قيم التضحية والإصرار في سبيل الوطن.

 

ما يجمع المقاومة في فلسطين ولبنان هو التمسك الثابت بالكرامة والحرية والعدالة، وهي القيم التي حملها الإمام الحسين إلى كربلاء، فباتت ملهمة لكل جيل مقاوم لمواجهة التحديات. ورغم اختلاف الأزمنة والأمكنة، تسير هذه المقاومة على درب الحسين، مستلهِمةً معاني التضحية والإقدام، لتغدو تجسيدًا متجددًا لروح النضال.

 

يمكن القول إن المقاومة في فلسطين ولبنان، بكل ملامحها، هي امتداد عصري للثورة الحسينية، وتجسيد ملموس لقدرة الإنسان على الصمود في وجه الظلم. سيبقى الحسين رمزًا خالدًا لكل من يواجه الطغيان، وستظل ذكراه وقيمه تلهم قلوب المقاومين أينما كانوا.

 

إن درب الحسين سيبقى طريق الأحرار حتى تتحقّق العدالة وتُسترد الحقوق، في مقاومة تتجاوز حدود لبنان وفلسطين، لتصل إلى كُـلّ بقعة عربية ترزح تحت الظلم والاضطهاد.