المولد النبوي.. عهدٌ مع الرسول وتجديدٌ لمسيرة الجهاد
البيضاء نت | مقالات
بقلم / شاهر أحمد عمير
مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، تتهيأ الأُمَّــة الإسلامية لاستقبال حدث عظيم غيّر مجرى التاريخ، وأخرج البشرية من ظلمات الجاهلية إلى نور الهداية، ومن عبادة الطغاة إلى عبادة رب العالمين.
ففي مثل هذا اليوم المبارك أشرق نور سيد البشرية وخاتم الأنبياء والمرسلين محمدٍ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ليبدأ معه عهد جديد ومسيرة ربانية قامت على الحق والعدل والجهاد في سبيل الله.
إن ذكرى المولد النبوي الشريف ليست مُجَـرّد مناسبة تاريخية أَو طقس احتفالي عابر، وإنما هي محطة إيمانية عظيمة، نقف عندها لنجدد العهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولنتذكر مسؤوليتنا في مواصلة المسيرة التي بدأها، مسيرة مقاومة الطغيان والانتصار للمستضعفين، وبناء أُمَّـة عزيزة تأبى الخضوع والذل.
لقد جسّد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته أسمى معاني الجهاد، منذ أول يوم أعلن فيه رسالته متحديًا قوى الشرك والطغيان، وحتى آخر لحظة وهو يثبت قواعد الدين ويؤسس لنهضة إنسانية عظيمة.
فجهاده لم يكن مقصورًا على ميدان القتال، بل كان مشروعًا شاملًا يبدأ من الكلمة، والتربية، والصبر على الأذى، وُصُـولًا إلى المعارك الفاصلة كبدر وأحد والأحزاب.
واليوم، ونحن نعيش مرحلةً تتكالب فيها قوى الاستكبار العالمي على الأُمَّــة، ونشهد عدوانًا أمريكيًّا صهيونيًّا بغطاء من أنظمة عربية عميلة، يصبح إحياء المولد النبوي الشريف تجديدًا لروح الجهاد، وتأكيدًا على أن نهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو سبيلنا لمواجهة التحديات والانتصار على الأعداء.
إنها مناسبة لإعلان موقف واضح: أن الأُمَّــة المحمدية لن تخضع للطغاة مهما تآمروا، ولن تنسى قضاياها المركزية، وفي مقدمتها فلسطين، ولن تتراجع عن درب الحرية الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا ما يؤكّـد عليه قائد المسيرة القرآنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، بأن الولاء الصادق للرسول الأعظم إنما يكون بالتمسك بخطه وجهاده ومشروعه القرآني، ومواجهة قوى الاستكبار نصرةً للمظلومين والمستضعفين.
إننا؛ إذ نستقبل ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، نعاهد الله ونعاهد رسوله بأننا على دربه سائرون، وفي مواجهة أعداء الأُمَّــة ثابتون، وبالقرآن الذي جاء به متمسكون، لا نساوم على الحق، ولا نخون دماء الشهداء، حتى يتحقّق وعد الله بالنصر والتمكين، ويعلو صوت الحق على أصوات الطغاة.
ولهذا فإن خروج جماهير الشعب اليمني إلى الساحات والميادين في هذه المناسبة المباركة ليس مُجَـرّد إحياء لذكرى تاريخية، بل هو تعبير عملي عن عمق الولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورسالة واضحة للعالم أجمع بأن هذا الشعب متمسك بهُويته الإيمانية، ثابت في مواجهة العدوان، وماضٍ في مسيرة الجهاد حتى النصر والتمكين.
فالمولد النبوي الشريف سيبقى دائمًا مدرسة متجددة، وموسمًا للتزود بالإيمان، ومنطلقًا لتجديد مسيرة الجهاد، وميثاقًا أبديًّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بأننا ماضون على نهجه حتى آخر رمق من حياتنا.