ثورة 21 سبتمبر: من التبعية إلى الاقتصاد الوطني المستقل وصناعة الأمن الغذائي

البيضاء نت | محلي 

 

منذ انطلاقها في 21 سبتمبر 2014، شكّلت الثورة اليمنية نقطة تحول استراتيجية غيرت معادلة السياسة والاقتصاد في البلاد. فقد أنهت عقودًا من الوصاية الخارجية التي كبّلت اليمن سياسيًا واقتصاديًا وجعلته حديقة خلفية للرياض وساحة نفوذ أمريكية وصهيونية، لتعيد القرار الوطني إلى أصحابه الحقيقيين.

قبل الثورة، كان اليمن يعاني اقتصادًا هشًا يعتمد على النفط الريعي بنسبة تفوق 70% من الإيرادات، مع فقر مدقع تجاوز 65% وبطالة تخطت 45%، بينما بلغ الدين العام نحو 22 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، بلغ الاعتماد على الغذاء المستورد أكثر من 90%، وهو ما جعل البلاد رهينة للضغوط الخارجية والحصار الاقتصادي.

ومع انطلاق الثورة، دشّن اليمن مشروعًا تحرريًا شاملًا يعزز السيادة الاقتصادية والسياسية، حيث ركز على استعادة القرار الوطني، مكافحة الفساد، تطوير مشاريع زراعية وصناعية، وتعزيز الاكتفاء الذاتي. وأدت هذه الجهود إلى تحقيق اكتفاء نسبي في محاصيل استراتيجية مثل البطاطس والبقوليات، وارتفاع نسبة المنتجات المحلية في الأسواق من أقل من 30% قبل الثورة إلى نحو 60% في بعض القطاعات.

كما تمكنت الحكومة الوطنية من إدارة موارد الطاقة والبنية التحتية رغم استهداف العدوان، وإصدار عملات وطنية جديدة لحماية الريال من الانهيار، بالإضافة إلى تعزيز الوعي الشعبي بأهمية الصمود والعمل والإنتاج.

ويؤكد مراقبون أن الثورة نجحت في تحويل الأزمة والحصار إلى فرصة للبناء الاقتصادي الوطني، مع دمج البعد الإيماني في مسارات التنمية، حيث ترتبط الزراعة والصناعة والمبادرات الشعبية بالقيم القرآنية والثقافة الوطنية.

وبذلك، تنتقل اليمن من دولة مرتهنة للخارج إلى دولة تخوض معركة الاكتفاء الذاتي، وتثبت أن السيادة والكرامة لا تتحققان إلا بالاستقلال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وأن معركة التحرر تبدأ من الأرض والمائدة قبل السياسة والعسكر.