بعد عقد من العدوان.. اليمن يفتح صفحة المحاسبة وردّ الحقوق

البيضاء نت | تقرير 

 

بعد أكثر من عقد من العدوان والحصار، وبعد صمود أسطوري في وجه أعتى حربٍ شُنّت على بلدٍ عربي في العصر الحديث، يقف اليمن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلةٍ لم يعد فيها السكوت مقبولًا، ولا التغاضي ممكنًا.. مرحلة المحاسبة وردّ الحقوق وجبر الضرر.

فاليمن الذي صمد في وجه القنابل والحصار والتجويع، بات اليوم أكثر قوةً ووعيًا وإصرارًا على إنصاف المظلومين ومحاسبة المعتدين، واستعادة ثرواته وسيادته كاملة غير منقوصة.

إنها لحظة الحقيقة، حيث يتحوّل الصبر إلى فعلٍ، والثبات إلى قرارٍ، والدماء التي سُفكت ظلماً إلى شاهدٍ على أن العدالة قادمة، وأن زمن الإفلات من العقاب قد ولى إلى غير رجعة.

مرحلة جديدة.. من الدفاع إلى الفعل

اليوم، وبعد أن فشلت دول العدوان في تحقيق أهدافها، وأُجبرت على البحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها، يؤكد الواقع أن اليمن تجاوز مرحلة الدفاع إلى مرحلة الفعل والمحاسبة.

لقد شدّد فخامة الرئيس المشير مهدي المشاط في خطابه بمناسبة الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر على أن أي حديث عن السلام لن يكون ذا معنى دون إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام، داعيًا النظام السعودي إلى الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى مرحلة إنهاء العدوان ورفع الحصار واستعادة الحقوق، ومؤكدًا أن أمريكا هي المستفيد الأول من استمرار الصراعات في المنطقة خدمةً للكيان الصهيوني.

كلمات الرئيس جاءت لتُرسي مبدأً واضحًا: أن السلام لا يتحقق بالعفو عن المعتدين، بل بمحاسبتهم وإنصاف الضحايا.

نهب الثروات وقطع المرتبات.. جرائم لا تسقط بالتقادم

على مدى أكثر من عقد، مارست دول العدوان أبشع صور النهب المنظم للثروات اليمنية، من النفط والغاز والمعادن والموانئ والجزر، وحولت عائداتها إلى حسابات في بنوك الرياض وأبوظبي، بينما حُرم ملايين اليمنيين من رواتبهم وحقوقهم الأساسية.

لقد كانت حربًا اقتصادية شاملة، هدفها تركيع الشعب وإجباره على القبول بالوصاية، لكن الشعب اليمني بوعيه الثوري وثقته بالله، حوّل الحصار إلى حافزٍ للاكتفاء الذاتي، وفضح كل من تاجر بمعاناته.

واليوم، لم يعُد السكوت مقبولًا، فاستعادة الثروات المنهوبة وصرف المرتبات ورفع الحصار حقوق غير قابلة للمساومة، وجزء من استحقاقات أي تسوية حقيقية قادمة.

العدالة وردّ الاعتبار.. عنوان المرحلة المقبلة

إن مرحلة ما بعد العدوان ليست مرحلة مجاملات سياسية، بل مرحلة عدالة وإنصاف، فكل قطرة دم سالت، وكل طفل جاع، وكل مريض مات بسبب الحصار، دينٌ في أعناق المعتدين لا يسقط بالتقادم.

اليمن اليوم لا يبحث عن الانتقام، بل عن الإنصاف والاعتذار والتعويض، وهذه هي لغة الأمم الحرة التي تدرك معنى السيادة، ولا تقبل أن يُكتب تاريخها إلا بالكرامة والعزة.

من ثورة أكتوبر إلى سبتمبر.. طريقٌ واحد للتحرر

كما أسقطت ثورة 14 أكتوبر الاستعمار البريطاني قبل ستين عامًا، جاءت ثورة 21 سبتمبر لتُسقط الاستعمار الجديد بوجهه الأمريكي السعودي الإماراتي، واليمنيون الذين قاوموا بالأمس المستعمر في عدن، سيحررون الجنوب المحتل.

إن طريق التحرر واحد، وعدو الأمس هو ذاته عدو اليوم، مهما بدّل من أدواته وشعاراته، ومن هذا الوعي الثوري تولد سردية اليوم التالي للعدوان:

لا سلام دون رفع الحصار، لا استقرار دون استعادة الثروات، ولا مصالحة دون جبر الضرر والاعتذار للشعب اليمني.

اليمنيون.. إرادة لا تُقهر

أكثر من عقد كانت كافية لتُثبت للعالم أن اليمن ليس ساحةً للهيمنة، بل ميدانًا للكرامة، لقد أرادوا إذلاله فارتفع، وأرادوا تركيعه فاشتدّ.

واليوم، اليمن لا ينتظر إحسانًا من أحد، بل يفرض معادلته الجديدة بقوة الحق والصمود والإيمان.. فما بعد الصبر إلا النصر، وما بعد الصمود إلا التمكين والمحاسبة.

المصدر: موقع 21 سبتمبر