30 نوفمبر… من استقلال جنوب اليمن إلى خريطة هيمنة دولية جديدة

البيضاء نت | محلي 

 

في الذكرى الثامنة والخمسين لرحيل آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967، تعود أسئلة السيادة والاستقلال إلى الواجهة بقوة، إذ يشهد الجنوب اليوم حضورًا عسكريًا وسياسيًا متشابكًا لقوى إقليمية ودولية، ما يراه مراقبون امتدادًا لنفوذ خارجي يأخذ شكلًا جديدًا أكثر تعقيدًا من الاستعمار التقليدي.

وتشير تقارير دولية ومحلية إلى أن جزرًا ومواقع استراتيجية في الجنوب — كميون وزقر وسقطرى وذوباب — تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مراكز نفوذ وقواعد عسكرية تُدار عبر قوى إقليمية ترتبط بتحالفات مع دول غربية. وتؤكد هذه التقارير أن تلك المنشآت تمنح هذه القوى موقعًا متقدمًا في مضيق باب المندب وخليج عدن، أحد أهم الممرات البحرية في العالم.

وبحسب مصادر ملاحية وعسكرية، فإن إنشاء مدارج للطائرات وحظائر ومرافئ في هذه الجزر مكّن القوى الخارجية من تعزيز قدرتها على مراقبة حركة السفن، وجمع معلومات استخباراتية، وإدارة عمليات ترتبط بأمن البحر الأحمر. وترى تحليلات سياسية أن وجود هذه القواعد يخدم مصالح دول كأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية والنزاعات البحرية.

وعلى الصعيد الداخلي، تعتمد هذه القوى على كيانات محلية فاعلة في المحافظات الجنوبية، بما فيها تشكيلات سياسية وأمنية تعمل بدعم مباشر من دول في التحالف، ما يعمّق الانقسام السياسي ويضعف حضور الدولة اليمنية المركزية. وترى أوساط يمنية أن هذا الواقع أسهم في خلق بيئة تسمح بتمرير اتفاقات عسكرية واقتصادية لا تخضع لإشراف حكومي كامل، بما يؤثر على السيادة اليمنية.

ويرى محللون أن المشهد الراهن يمثل انتقالًا من استعمار مباشر — كما كان الحال قبل 1967 — إلى نمط نفوذ غير مباشر يقوم على شراكات عسكرية، واستخباراتية، وتحالفات داخلية، ويمنح القوى الخارجية قدرة واسعة على التأثير في القرار السياسي والاقتصادي داخل الجنوب.

ومع استمرار هذا الوضع، تبرز أمام اليمن معادلة صعبة: إمّا استعادة دولة موحدة ذات سيادة كاملة على الأراضي والموانئ والجزر، أو بقاء الجنوب ضمن معادلة نفوذ خارجي متعدد المستويات يهدد مفهوم الاستقلال الذي تحقق قبل أكثر من خمسة عقود.