“تهجير غزة.. جوهر المشروع الصهيوني بين جذور الماضي وسيناريوهات الإجهاض”
البيضاء نت | تقارير | تحقيق
منذ تأسيس الكيان الصهيوني، ظلّ التهجير القسري للفلسطينيين الركيزة الأبرز في مشروعه الاستعماري الاستيطاني، وأداةً محورية لتحقيق أهدافه التوسعية. وما يجري في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل قديم يهدف إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه وفرض تغيير ديموغرافي يخدم الاستيطان، بغطاء أمريكي واسع وصمت دولي فاضح.
هذا التحقيق يتتبع جذور المخطط، وآليات تنفيذه، والمراحل التاريخية التي مرّ بها، كما يرصد المواقف العربية والإسلامية والدولية، ودور المقاومة ومحورها في رسم سيناريوهات الإجهاض.
أولاً: الخطة الراهنة.. “ترحيل إلى ست دول”
وثائق وتسريبات غربية تكشف سعي الاحتلال لتهجير الغزّيين نحو ست دول عربية وإفريقية بينها: سوريا، ليبيا، جنوب السودان، وأرض الصومال، عبر أدوات قسرية مموّهة بغطاء “الهجرة الطوعية” أو “الممرات الإنسانية”.
الهدف: تفريغ غزة أو تقليص كتلتها السكانية، وإحكام السيطرة الاستيطانية، بذريعة “الأمن القومي” و”الكابوس الديموغرافي”.
المقاومة تؤكد: “المؤامرة لن تمر، وحق العودة غير قابل للتصرف”.
ثانياً: جذور المشروع.. ثماني مراحل لصناعة التهجير
التهجير ليس طارئاً، بل سياسة أصلية في الفكر الصهيوني منذ ما قبل مؤتمر بال (1897)، وتطوّر عبر ثماني محطات كبرى:
-
من التنظيرات المبكرة (1845–1897) إلى خطة “هرتزل” ومشاريع الترحيل.
-
مرحلة الانتداب البريطاني (1920–1947): تسهيل الاستيطان والتحضير للترحيل.
-
النكبة 1948: تهجير 700 ألف فلسطيني، مجازر وخطة “دالت”.
-
الحكم العسكري بعد 1949: قوانين المصادرة، محاولات تهجير إلى الخارج.
-
احتلال 1967: اقتلاع جديد، ومشاريع “الهجرة الطوعية” القسرية.
-
من 1973 حتى الانتفاضة: تصاعد “الترانسفير” تحت غطاء تحسين المعيشة.
-
من أوسلو حتى 2023: حصار، حروب متكررة، ومشاريع سيناء والتوطين.
-
من عدوان 7 أكتوبر حتى اليوم: أكبر مختبر للتهجير القسري تحت القصف والحصار والتجويع.
ثالثاً: أدوات التنفيذ
-
الحصار والتجويع لإجبار الناس على الرحيل.
-
التدمير الممنهج للبنية السكنية والصحية لجعل العودة مستحيلة.
-
الهندسة الديموغرافية عبر ممرات نزوح ومناطق فاصلة.
-
برامج هجرة قسرية مقنّعة تحت عناوين العمل والمساعدات.
-
شيطنة الضحية وتسويق التهجير كـ “حل إنساني”.
رابعاً: الغطاء الأمريكي والغربي
من “صفقة القرن” حتى مقترحات 2025، ظلّت واشنطن الداعم الرئيسي لخطط التهجير، بالسلاح والفيتو، بينما أعاد الغرب صياغة المصطلحات لتجميل جريمة التطهير العرقي تحت مسمّيات “الهجرة الطوعية” و”تبادل السكان”.
خامساً: المواقف العربية والإسلامية
-
مصر والأردن في طليعة الرافضين لتوطين الغزّيين خارج فلسطين.
-
مواقف رسمية عربية ترفض الترحيل، مقابل قبول محدود لحالات إنسانية خاصة.
-
الشعوب العربية والإسلامية: مسيرات، حملات مقاطعة، ودعم مباشر لغزة.
-
اليمن ومحور المقاومة: عمليات عسكرية وضغط استراتيجي يرفع كلفة أي مخطط تهجير.
سادساً: الضفة الغربية.. التهجير الزاحف
مداهمات وتجريف وحصار المخيمات، لخلق بيئات طاردة ضمن مشروع اقتلاع متدرّج.
سابعاً: القانون الدولي.. جريمة ضد الإنسانية
القانون الدولي يجرّم النقل القسري، وقرارات الأمم المتحدة (خاصة القرار 194) تثبّت حق العودة. أيّ مساهمة في تسهيل التهجير تُعدّ مشاركة في جريمة دولية.
ثامناً: الدلالات الاستراتيجية
تهجير غزة – إن تحقق – لن ينهي المقاومة، بل سيُعمّق ارتباط الفلسطيني بأرضه. كما يفتح شراهة الاحتلال لخطط توسّع أشمل في الضفة والقدس، بما يهدد الأمن الإقليمي بأسره.
تاسعاً: سيناريوهات الخطة والإفشال
-
السيناريوهات: ترحيل تدريجي مقنّع، هجرة طوعية بالقسر، أو ترحيل محدود لخلق سابقة.
-
الإجهاض: صمود شعبي، دعم قانوني وإعلامي، إسناد إقليمي، وضغط عسكري يرفع كلفة التهجير.
عاشراً: غزة.. قلب الصراع
قضية التهجير ليست تفصيلاً، بل جوهر المشروع الصهيوني منذ بداياته. والرد المطلوب عربيّاً وإسلامياً ودولياً هو تحريم التهجير بكل أشكاله، وربط الإغاثة والإعمار بحقوق الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مع تثبيت معادلة الصمود والمقاومة حتى إسقاط خطة الاقتلاع وانتزاع العدالة.